وموقع آخر لذي الخلصة؛ قيل: كان عمرو بن لحي بن قمعة نصبه بأسفل مكة، حين نصب الأصنام في مواضع شتى (?).
قلت: والذي أجزم به أن موقع ذي الخلصة غلط فيه الكثيرون، فليس مكانه في السراة، بل في تبالة قريبة من بشة اليوم، وأن هادمه جرير البجلي - رضي الله عنه -، نعم صنم دوس هو ذو الكفين، وهادمه الطفيل - رضي الله عنه -، ولو كان ذو الخلصة في دوس لذكره الطفيل وطلب أن يهدمه.
أما لماذا ذكر نساء دوس دون غيرهن فالذي يظهر لي أن دوسا سبقت الكثير من القبائل ولاسيما اليمانية إلى الإسلام، والهجرة إلى المدينة عام خيبر في السنة السابعة، فكان هذا الخبر تحذيرا من تلك الردة، التي يقع فيها قبائل من العرب منهم نساء من دوس، والله أعلم.
قلت: لا يُغتر بما رواه مرداس بن قيس الدوسي من قصة الخلصة لأمرين:
الأول: فيه شبهة التحريف من مروان بن قيس، إذ وردت القصة في ترجمته (215) نصا.
والثاني: أن القصة لا تقوى على معارضة ما تقدم من البيان؛ لأن في سند الرواية عن مرداس عيسى بن يزيد بن داب وهو كذاب، وفي السند عبدالله بن محمد بن البلوي مجهول، وفيه مجاهيل أيضا (?)، وكذلك الرواية عن مروان غير مسندة.
قال العلماء رحمهم الله: ثم رجع طفيل بن عمرو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان معه بالمدينة حتى قبض الله رسوله، فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين فجاهد معهم أهل الردة حتى فرغوا من طلحة الأسدي، ومن أرض نجد كلها فسار مع المسلمين إلى اليمامة، معه ابنه عمرو بن الطفيل، فرأى رؤيا وهو موجه إلى اليمامة فقال لأصحابه: إني قد رأيت رؤيا فأعبروها لي، رأيت كأن رأسي حلق، وأنه يخرج من فمي طائر، وأنه أتتني امرأة فأدخلتني في فرجها، وأرى ابني يطلبني طلبا حثيثا، ثم رأيته خنس عني، قالوا: خيرا قال: أما أنا فقد والله أولتها، قالوا: ماذا أولت؟ ، قال: أما حلق رأسي فوضعه، وأما الطائر الذي خرج من فمي، فروحي، وأما المرأة التي