ما وقع من الفتح والصلح مع ملوك الصين كان على يده (?)، ولكنه لم يسلم مما أنكر على الناس، وطالب بعدم تولية يزيد بن المهلب، لمنافسته فابن المهلب رأس في القوم لا يقل عن قتيبة، رحمة الله علينا وعليهم.
وإن كان القاتل وكيع فإن له مثالب، وهو حري بذلك، ومن ذلك أنه أقبل على الحسن البصري فقال: "يا أبا سعيد، ما تقول في دم البراغيث يصيب الثوب أيصلى فيه؟ " فقال الحسن: "يا عجبا ممن يلغ في دماء المسلمين كأنه كلب، ثم يسأل عن دم البراغيث"، فقام وكيع ينخلج في مشيته تخلُّج المجنون، فقال الحسن: "لله في كل عضو منك نعمة، اللهم لا تجعلنا ممن يتقوى بنعمتك على معصيتك" وقد خطب وكيع بن أبي سود وهو والي خراسان فقال في خطبته: "إنّ الله خلق السّماوات والأرض في ستّة أشهر"، فقالوا له: بل في ستّة أيّام، فقال: "والله لقد قلتها وأنا أستقلّها" (?).
ولا نطيل في ذكر مثالب الرجل، ولا يمنع أن يزيد بن المهلب استغل الطرفين لقتل عدوه قتيبة بن مسلم، يوضح هذا أن وكيعا لما قتل قتيبة بعث بطاعته وبرأس قتيبة إلى سليمان، فوقع ذلك من سليمان كل موقع، فجعل يزيد بن المهلب لعبد الله بن الأهتم مائة ألف على أن ينقر وكيعا عنده، فقال ابن الأهتم: أصلح الله أمير المؤمنين! والله ما أحد قوله لسليمان بن عبد الملك: أوجب شكرا، ولا أعظم عندي يدا من وكيع، لقد أدرك بثأري، وشفاني من عدوي، ولكن أمير المؤمنين أعظم وأوجب عليّ حقا، وأن النصيحة تلزمني لأمير المؤمنين، إن وكيعا لم يجتمع له مائة عِنان قط إلا حدَّث نفسه بغدرة، خاملٌ في الجماعة، نابهٌ في الفتنة، فقال سليمان: ما هو إذا ممن نستعين به، فاستعمل سليمان يزيد بن المهلب على حرب العراق، فغدر يزيد، فلم يعط عبد الله بن الأهتم ما كان ضمن له، ووجه ابنه مخلد بن يزيد أميرا إلى وكيع، فأخذه ومن معه وحبسهم وعذبهم (?)، وهكذا تفعل السياسة وطلب السيادة