والرياسة، تدور في فلك ما تهوى النفس وما تشتهي، من غير خوف من رقيب، ولا اعتبار لحسيب، وحسبنا الله وكفى.
أما عبد الله بن الأهتم فهو متكلم خطيب، له صلة بالخلفاء، والولاة والأمراء، مخادع في النصح غير مخلض وقصته مع المهلب شاهدةٌ على ذلك، هكذا يكون ضرر العلماء إذا ركنوا للدنيا ومتاعها، وكان جزاء المهلب له وفاقا، دخل الحسن البصريّ رحمه الله على عبد الله بن الأهتم يعوده فى مرضه، فرآه يصوّب بصره فى صندوق فى بيته ويصعّده، ثمّ قال: "أبا سعيد، ما تقول فى مائة ألف فى هذا الصّندوق، لم أؤدّ منها زكاة، ولم أصل منها رحما؟ قال: ثكلتك أمّك، ولمن كنت تجمعها؟ قال: لروعة الزّمان، وجفوة السّلطان، ومكاثرة العشيرة" ثمّ مات، فشهده الحسن فلمّا فرغ من دفنه قال: "انظروا إلى هذا المسكين، أتاه شيطانه فحذّره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة عشيرته، عمّا رزقه الله إيّاه وغمره فيه، انظروا كيف خرج منها مسلوبا محروبا، ثمّ التفت إلى الوارث فقال: أيّها الوارث، لا تُخدعنّ كما خُدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالا فلا يكوننّ عليك وبالا، أتاك عفوا صفوا ممّن كان له جموعا منوعا، من باطل جمعه، ومن حقّ منعه، قطع فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، لم تكدح فيه بيمين، ولم يعرق لك فيه جبين، إنّ يوم القيامة يوم ذو حسرات، وإنّ من أعظم الحسرات غدا أن ترى مالك في ميزان غيرك فيالها عثرة لا تقال، وتوبة لا تنال" (?).
وقال عبد الكريم المازني لعبد الله بن عبد الله بن الأهتم: "كيف كان حزنك على أهل بيتك؟ " قال: "ما ترك حب الغداء والعشاء في قلبي حزناً على أحدٍ" (?). نسأل الله لنا وله الغفران.
نصر بن علي بن صهبان بن أُبي الجهضمي، البصري، الكبير، ثقة معروف وهو جد الذي بعده.