حميدة؛ من حسن رواء وسلامة صدر، إلى نزاهة الهمّة، وإرسال السّجية، والبعد عن المصانعة، والتحلّي بالوقار والحشمة، شاعر، كاتب.
ومناقبه يقصر عنها الكثير من أبناء جنسه، كالفروسيّة، والتجنّد، والبسالة، والرّماية، والسّباحة، والشطرنج، متحمّد بحمل القنا، مع البراعة، مديم على المروءة، مواس للمحاويج من معارفه.
ارتسم في الديوان فظهر غناؤه، وانتقل إلى الكتابة، معزّزة بالخطط النّبيهة العلمية، وحاله الموصوفة متّصلة إلى هذا العهد، وهو معدود من حسنات قطره.
وثبت في "التاج المحلى" بما نصّه: "سابق ركض المحلّى، أتى من أدواته بالعجائب، وأصبح صدرا في الكتّاب وشهما في الكتائب.
وكان أبوه، رحمه الله، بهذه البلدة، قطب أفلاكها، وواسطة أسلاكها، ومؤتمن رؤسائها وأملاكها، وصدر رجالها، ووليِّ أرباب مجالها، فقد نثل ابنه سهامها، فخبر عدالة وبراعة وفهما، وألقاه بينهم قاضيا شهما، فظهر منه نجيبا، ودعاه إلى الجهاد سميعا مجيبا، فصحب السّرايا الغربية المغيرة، وحضر على هذا العهد من الوقائع الصغيرة والكبيرة، وعلى مصاحبة البعوث، وجوب السّهول والوعوث، فما رفض اليراعةَ للباتر، ولا ترك الدّفاترَ للزمان الفاتر.
له أدب بارع المقاصد، قاعد للإجادة بالمراصد. وقال من الرّوضيات وما في معناها:
دعيني ومطلول الرّياض فإنني ... أنادم في بطحائها الآس والوردا
أعلّل هذا بخضرة شارب ... وأحكي بهذا في تورّده الخدّا
وأزهر غصن البان رائد نسمة ... ذكرت به لين المعاطف والقدّا (?).
وذكر من شعره نماذج متنوعة المشارب.
واسمع ما قال لسان الدين ابن الخطيب في صديقه القديم، في كتاب ألفه لهذا الغرض: "هذا الرجل ممن ينتحل الشعر، ويكسد سوق حظه فيغلي السعر، ويوجب لنفسه ما يوجبه المغرور، ويهتف لسانه بما لا يهتف به إلا المرور، فهو مرحمة، وإن رأى نفسه فارس ملحمة، ومشفقة، وإن زعم إنه يجري على عطارد نفقة".