ستجده عند قراءة كل ترجمة؛ وهذا ينبئ بترابط الأسرة، وتقدير بعضهم لبعض، وقد ترجم لهم لسان الدين ابن الخطيب، وهو من أقران كبارهم، ويظهر أنه معجب بهذه الأسرة، وغن تناقض فيما كتب عن أبي القاسم التالي ذِكرُه.
قال إحسان عباس رحمه الله (?): الشيخ الكاتب أبو القسم محمد بن محمد (?) بن أحمد بن قطبة الدوسي، كلأه الله تعالى، ترجم له ابن الخطيب في التاج والإحاطة، ويبدو أن نظرة ابن الخطيب له تغيرت، فهو هنا يذمه على خلاف ما ورد في الإحاطة، على أني المح عاملا آخر قويا جدا على تأليف هذه الكتاب؛ وهو رغبة لسان الدين في أن يعيد النظر في تقدير الأشخاص الذين تنكروا له؛ مثل القاضي النباهي، وابن فركون، وابن زمرك، وأبي القاسم بن قطبة الدوسي، وأن يكيل لهم من الذم ما يشفي به بعض غليله، ويصحح آراءه التي سجلها فيهم من قبل في الإحاطة وغيرها من كتبه ورسائله، وحسبك أن تقارن مثلا بين ما كتبه في ظهير بتولية ابن الحسن القضاء، وفي ترجمته له في الإحاطة، وفي الإشارات التي دونها عنه في مواضع أخرى منها، وبين ترجمته في الكتيبة "لجعسوس" حتى ترى مبلغ التغير الذي أصاب نظرة ابن الخطيب نحو صديق قديم، ومثل ذلك موقفه من سائر الأشخاص الذين تنكروا له وتآمروا عليه.
وإذا كان ابن الخطيب ملوما من الزاوية التاريخية فأولئك الأشخاص يتلقون قدرا مكافئا من اللوم، فابن زمرك الذي حرق البخور الكثير على أعتاب أستاذه تحين كل فرصة بعد تغير الحال لينحي عليه بالذم في قصائده ويعرض به تقربا إلى السلطان، إنها أزمة لم تحرق ابن الخطيب وحده بنارها بل حرقت خصومه أيضا (?).
واسمع ما قال لسان الدين ابن الخطيب عن أبي القاسم الدوسي في حال الرضا:
محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي؛ من أهل غرناطة، يكنى أبا القاسم، مجموع خلال بارعة، وأوصاف كاملة، حسن الخطّ، ذاكر للتاريخ والأخبار، مستول على خصال