فأرسل إلى زوجها، فجاء، فقال لكعب: اقض بينهما فقال: أمير المؤمنين أحق بأن يقضي بينهما، فقال: عزمت عليك لتقضين بينهما؛ فإنك فهمت من أمرهما ما لم أفهم.
قال: فإني أرى أن لها يوما من أربعة أيام، كأن زوجها له أربع نسوة، فإذا لم يكن له غيرها فإني أقضي له بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن، ولها يوم وليلة.
فقال عمر: والله ما رأيك الأول بأعجب من الآخر، اذهب فأنت قاض على أهل البصرة، ومن بعد عمر - رضي الله عنه -، عثمان - رضي الله عنه - أمر أبا موسى - رضي الله عنه - أن يقضي كعب بن سور بين الناس، ثم ولَّى ابن عامر فاستقضى كعب بن سور، فلم يزل قاضيا بالبصرة حتى كان يوم الجمل، فلما اجتمع الناس بالحربية، واصطفوا للقتال خرج وبيده المصحف، فنشره وشهره وجال بين الصفين؛ يناشد الناس الله في دمائهم، فقتل على تلك الحال، أتاه سهم فقتله.
وقد قيل: كان المصحف في عنقه، وبيده عصا، وهو يأخذ الجمل، فأتاه سهم فقتله رحمة الله عليه.
وفي رواية: ثم جاءته الثالثة، فقالت: إن زوجي يصوم النهار ويقول الليل! قال: أفتريدين أن أنهاه عن صيام النهار وقيام الليل؟ ، وكان عنده كعب بن سور، فقال كعب: إنها امرأة تشتكي زوجها.
فقال عمر: أما إذا فطنت لها فاحكم بينهما، فقام كعب وجاءت بزوجها فقالت:
يا أيها القاضي الفقيه أرشده ... ألهى خليلي عن فراشي مسجده
زهَّده في مضجعي تعبده ... نهاره وليله ما يرقده
ولست في أمر النساء أحمده ... فامض القضا يا كعب لا تردده (?)
فقال الزوج:
إني امرؤ قد شفني ما قد نزل ... في سورة النور وفي السبع الطول
وفي الحواميم الشفاء وفي النحل ... فردها عنى وعن سوء الجدل