شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه حريص على العلم والحديث، وازداد علمه وفضله ببركة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: قلت: يارسول الله، أسمع منك أشياء فلا أحفظها، قال: «فابسط رداءك»، فبسطته فحدث حديثا كثيرا، فما نسيت شيئا حدثني به (?)، وعند البخاري قلت: يارسول الله، إني أسمع منك حديثا كثيرا أنساه، قال: «ابسط رداءك» فبسطته، قال: فغرف بيديه ثم قال: «ضمه» فضممته، فما نسيت شيئا بعده (?)، فكان أحفظ الصحابة - رضي الله عنهم -، شهد له عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فقال له: أنت يا أباهر كنت ألزمنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمنا بحديثه، ومشى ابن عمر أمام جنازة أبي هريرة وهو يكثر الترحم عليه، ويقول: "كان مم يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين" (?).
ومما يدل على حرص أبي هريرة على حفظ العلم قول زيد بن ثابت رضي الله عنهما: "بينما أنا وأبو هريرة، وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله، ونذكر ربنا خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس إلينا فسكتنا" فقال: «عودوا للذي كنتم فيه» قال زيد: "فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي هذان، وأسألك علما لا ينسى" فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آمين» فقلنا: يارسول الله: "ونحن نسأل الله علما لا ينسى" فقال: «سبقكم بها الغلام الدوسي» (?).
وقد توجس عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من كثرة الحديث خوفا من الغلط فيه، ولذلك هدد أبي هريرة وقال: لتتركن الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو: لألحقنك بأرض دوس (?)، فأراد أن يختبر حفظ أبي هريرة فقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: بلغ عمر حديثي فأرسل إليّ فقال: "كنت معنا يوم كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت فلان؟ " قلت: نعم، وقد علمت لِمَ