وأما عنبسة ولد عاتكة من أبي سفيان فقد روى محمد بن ذكوان القرشي قال: تنازع عتبة، وعنبسة ابنا أبي سفيان - رضي الله عنه -، وأم عتبة هند، وأم عنبسة ابنة أبي أزيهر الدوسي، فأغلظ معاوية لعنبسة، وقال عنبسة: وأنت أيضا يا أمير المؤمنين؟ ، فقال: يا عنبسة، إن عتبة ابن هند، فقال عنبسة:
كنا لصخر صالحا ذات بيننا ... جميعا فأمست فرقت بيننا هند
وإن تك هند لم تلدني فإنني ... لبيضاء تنميها غطارفة مجد
أبوها أبو الأضياف في كل شتوة ... ومأوى ضعاف قد أضر بها الجهد
له جفنات ما تزال مقيمة ... لمن ساقه غورا تهامة أو نجد
فقال له معاوية لا تسمعها مني بعدها.
قلت: كان سبب ما وقع بين عتبة وأخيه عنبسة أن عنبسة كان واليا لمعاوية أخيه على الطائف، فعزله وولَّى عتبة شقيقه، فعاتبه عتبة، فقال معاوية: ما قال، وكان معاوية استعمله على الصائفة سنة اثنتين وأربعين فبلغ مرج الشحم وولاه الموسم بمكة (?)، وكان عتبة شهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها، ثم نجا فعيره عبد الرحمن بن الحكم وقال:
لعمرك والأمور لها دواعي ... لقد أبعدت يا عتب الفرارا
وذلك حين لحق عتبة بأخيه معاوية بالشام، وبقي عنده حتى ولاه على الطائف (?).
قلت: عنبسة هذا من التابعين أدرك رسول الله - رضي الله عنه - ولم تثبت له صحبة، ولا رؤية، روى عن أخته أم المؤمنين رضي الله عنها، ولما حضرته الوفاة جزع، وكان لعنبسة نجوى، فقيل له: ما يجزعك، ألم تكن على سمت من الإسلام حسن؟ ، قال: ما لي لا أجزع ولست أدري على ما أقدم عليه، مع أن أرجى عملي في نفسي أني سمعت أختي أم حبيبة تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من حافظ على أربع ركعات قبل