ينصرف، وأيَّد تصرُّفَه بحُكْمِ السُّيوف والأقلام، وأخدم مجلسه أفضل التَّحية والإكرام، والسلام.
ومن ذلك: ما كتب به [على قطعة لابن ناهض، ومن خطه نقلت:
نظرت هذه المُذْهَبَة المعلَّقة، وقيدت النظر] (?) في هذه القوافي المطلقة، واعْتَرفت بالقصور عن وصف هذه البُيوت العاليات الطَّبقة، المترفعة غرفُها عن أن تكون مستَرَقَة، فألفيتُها حُرِّرت موازينها، وقُرِّرت دواوينها، وانشرحت الصدور من شدَّة ما أطربتها تلاحينها، وأزهرت أفانين غياضها، وزخرفت بأنواع الزينة أواوينُ رياضها. يا لها آدابًا، لو رام معارضة منشئُها مادح بمصر. . . . . . (?)، وتأمَّل ما يهديه فكرُه لقال: ما أشدَّ بردَه، ولو بالغ في وصف مخترعاته، لرأى نقصَها متزايدًا عنده، ولو فُتِحَ له بابُ تقريظها، لحُقَّ له سدُّ باب القريضِ بعده ما نُوظرت هذه المحاسن، ونظر الناظر إلى آدابه، إلَّا قال لهَا: أبعدي، ولا قُوبلت بأدب متأدِّب، إلا تبين في الحال حال المعتدي. لقد توحد منشئها في فنه حتى صار هو العَلَم الفرد ذَكاءً وآدابًا، واستحقَّ اسمَ أبيه، فأصبح في اقتناص الشوارد ناهضًا وثَّابًا، وإذا كانت العقول مِنَحًا إلهية، والأفكارُ مواهبَ ربَّانيَّة، فلا بِدْعَ أن يبتدع الغريب إلى الغريب، ولا غَرْوَ أن ينشأ أديب يُنسي بما ينشئه إنشاءَ كلِّ أديب.
والليالي -كما علمت- حُبالى ... مُقَرِّبات يَلِدْنَ كلَّ عجيبِ
ومنه ما كتب به على السِّيرة التي عملها محمد بن ناهض الحلبي المذكور للمؤيد أبي النصر شيخ في سنة ثمان عشرة وثمانمائة، رفيقًا لدون ثلاثين نفسًا، منهم: العز بن جماعة، والولي العراقي، والجلال البلقيني،