فالتمَسَ منه إفادته، فقال: المقامُ مقامُ امتحان لا مقام إفادة، وإذا صرتم في مقام الاستفادة أفدتكم.
ثم لمَّا أرادوا القيام مِنَ المجلس، قال صاحب الترجمة للسلطان: يا خوند، أدَّعي على هذا أنَّ لي عنده دَيْنًا، فقال: ما هو؟ فقال: اثنا عشر حديثًا، فتبسَّم وانصرفوا، فلمَّا وصل صاحب الترجمة لباب الحوش، طُلب فعاد، فوجد السلطان قام لقضاء حاجته، فوقف مع خواصّه حتى يحضر، فقال له كاتب السِّرِّ: إن السلطان قال: قد استحييتُ من فلان، كيف يتوجَّه بغير ثواب، فقلت له: إنه كان شيخ البيبرسية، وانتزعها منه أخو جمال الدين ظُلمًا، فلما استتمّ كلامه، حضر السلطانُ، فأشار إلى كاتب السِّرِّ أن يُعلم صاحب الترجمة بما تقرَّر مِنْ أمر البيبرسية، فقال له: إن السلطان قد أعاد إليك مشيخة البيبرسية، فشكر صاحبُ الترجمة له ذلك، ثم قال له: قرَّرتني في مشيخة البيبرسية ونظرها، وعزل مَنْ هو مقرَّرٌ بها بحكم أنه انتزعها منِّي بغير جُنْحةٍ، فقال: نعم، فأشهد عليه بذلك مَنْ حضر.
وفي غداةِ غدٍ، لبس بها خلعة وحضرها، وصُرف (?) أخو جمال الدين منها ثم عُوِّضَ أخو جمال الدين بعد سنتين بمشيخة سعيد السعدا.
ووقع من الشيخ همام الدين الخوارزمي شيخ الجمالية -وهو من مساعدي الهروي- في هذا المجلس فلتةٌ أنكرها عليه صاحبُ الترجمة، إلى غير ذلك مما لا نطيل بإيراده.
ثم كان المؤيد يعتمد على شيخنا بعد ذلك ويثق به. اتَّفق أنَّ السِّراج الحمصي حكم في قضية تتعلق ببستان المحلي الذي بالقُرب مِنَ الآثار، وعُقد له مجلسٌ بسببه، حضره القُضاة وأهل الفُتيا على العادة، فلمَّا حضروا، سأل السلطان صاحبَ الترجمة عن القضية، وقال له: أنت تعرفُ الحالَ أكثر مِنْ هؤلاء، فذكر له حلية الأمر باختصار، وذلك في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة.