وقُلْ لِذي عَذَلٍ في عَبرةٍ سمَحَتْ: ... "دَعْهَا سَمَاوِيَّةً تَجرِي على قَدَرِ"
وقُلْ لعيني الَّتي بالدَّمع قد نَزَحَتْ ... يا عَيْنُ جُودي ولا تُبْقي ولا تَذَرِي
وابْكِي بِمَوْجٍ ومَا المِقيَاس يحصرهُ ... قاضي القُضَاةِ أميرَ النَّاسِ في الأثَرِ
قاضي القضاة أمير (?) المؤمنين سُمِي ... بِأَحْمَدَ بنِ عَلِي ذِي الرُّحْلَةِ الحَجَرِ
أكْرِمْ بِهَا مِدْحَةً مما حازَهَا أحَدٌ ... في عَصرِنَا غَيْرُ نزرٍ قَلَّ في العُصُرِ
دَعِ الكِتَابَةَ واحْفَظَهَا وَسُقْ سَنَدًا ... وخَلِّ عَنْكَ سوادَ الطِّرْسِ بالحِبِرِ
يا مَوْتُ ذَكرتَنِي مَوْتَ النَّبِيِّ بِهِ ... الهَاشِميِّ المصطَفى المبعوثِ مِنْ مُضَرِ
ذكَّرتَنِي العُمَرَينِ الصَّاحِبَيْنِ أبَا ... بكرٍ الصِّدِّيق وبالفاروق (?) مِنْ عمَرِ
يا خَنْسُ (?) ها أدْمُعي مع دَمْعك (?) ائْتَلَفَا ... ثمَّ اختَلَفْنا بُكًا في الصَّخْرِ والحَجَرِ
يا خَنْسُ لو نَظَرَت عَينَاكِ لَمَّتَهُ ... وما حَوَتْ مِنْ فَخار العِلْمِ والخَفَر (?)
يا خَنْسُ لو سَمِعَت أذْنَاكِ مَنْطِقَه ... مِنْ ثغر مَبْسَمِهِ المَنْظُومِ بِالدُّررِ
يا خَنْسُ إنَّني عن عينٍ له نَظَرَتْ ... لَيْسَ العَيَانُ -كما قد قيل- كالخَبَرِ
يا خَنْسُ قَدْ قُلْتِ في صخرٍ مراثيهَ ... فَحوَّلَ الحزن بالإسناد للحجرِ
مُصِيبَةٌ عمَّتِ الدُّنيا بأجْمَعِها ... رَمَى بِهَا زُحَلٌ بالقَوْسِ والوَتَرِ
بالبَحْرِ والنَّهرِ والبَحْرَيْنِ إذْ جمِعَا ... أبْكيه مِنْ عَبْرَةٍ تَجْرِي بلا ضَجَرِ
إن ذكَّرَتنِي بِوَقْتٍ صَخْرِهَا غَسَقًا ... أو ذَكَّرَتني بِوَقْتِ الصَّيْفِ في السَّحَرِ
فكُلَّ أوقَاتِيَ الغرَّاء مَسْبِلَةٌ ... جاهًا وعِلْمًا وما يُزْدي مِنْ البِدَرِ
شبَّهتُه جَالِسًا في الدَّرْسِ في فِئَةٍ ... همُ النُّجُومُ وَوَجْهُ الشَّيْخِ بالقَمَرِ