"الجامع الصحيح" للبخاري، وفي شرح ذلك طولٌ. وكلُّ ذلك مجموع في "الفهرست الكبير".
وأكثرَ مِنَ المسموع جدًّا، ووصل من الكتب الكبار شيئًا كثيرًا، ووجد عنده -رضي اللَّه عنه- من النظر في التواريخ ما أعانه على معرفة الرجال في زمن يسير جدًّا.
ولم تنسلخ تلك السنة -أعني سنة ست وتسعين- حتى اتسعت معارفه فيه، وخرَّج لشيخه الإمام مسنِد القاهرة برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد التنوخي "المائة العشارية"، فكان أول من قرأها على المخرَّجَةِ له في جمع حافل، الإمام العلامة الحافظ الناقد ولي الدبن أبو زرعة أحمد ابن شيخه العراقي في سنة سبع وتسعين. وكذا قرأها عليه غيره من الأعيان، ومنهم الشيخ شهاب الدين الحسيني، بعد أن كتبها بخطه. وسمعها معه صهره الشيخ شمس الدين البوصيري العالم الصالح، وقرَّظ له جماعة من أئمة العصر عليها، وشهدوا له بالتقدم، كما سيأتي في محلِّه.
كل ذلك مع اشتغاله بغيره من العلوم، والمحافظة على المنطوق منها والمفهوم، كالفقه والعربية والأصول، وغيرها من العلم المنقول والمعقول.
فتفقه بابن القطان الماضي، وبالإمام الزاهد الفقيه العلامة برهان الدين إبراهيم بن موسى الأبناسي، ولازمهما كثيرًا. وكان الأباسي يودُّه ويعظمه، لأنه كان من أصحاب والده. وقد قال صاحب الترجمة في حقه: الإمام الجامع بين طريقي العلم الشرعي والعلم الحقيقي. وكانت ملازمته له مِنْ بعد التسعين، بحث عليه في "المنهاج" للنووي، وقرأ عليه غير ذلك.
وتفقه أيضًا بشيخ الإسلام، علَّامة الأعلام، المجدد للأمة المحمدية من علوم الدين ما اندرس في توالي الأيام، إلى أن أحيا اللَّه تعالى به موات القلوب من أئمة الأنام: سراج الدين أبي حفص عمر بن رسلان البلقيني. لازمه مدة، وحضر دروسه الفقهية، وقرأ عليه الكثير من "الروضة"، ومن