وانتهى ذلك في يوم الجمعة ثالث عشري رمضان سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، بمنزل المصنف بجزيرة الفيل على شاطىء النيل. ثم قرأ عليه "النكت على علوم الحديث" لابن الصَّلاح له، في مجالس، آخرها في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين. وهو أول مَنْ أذِنَ له في التدريس في علوم الحديث. وكان إذنُه له -على ما قرأته بخط صاحب الترجمة- في سنة سبع وتسعين.
وكان طلبه على الأوضاع المتعارفة بين أهله، فقرأ وسمع على مسندي القاهرة ومصر الكثير في أسرع مدة، ووقع له حديث السلفي بالسماع المتصل عاليًا عن ابن الشيخة المذكور، وعن التاج أبي محمد عبد الواحد بن ذي النون الصُّردي وغيرهما، فمما سمعه من التاج "جزء سفيان بن عيينة" يرويه عن أبي الحسن الواني صاحب صاحب السِّلفي بالسماع المتصل إليه. وهو أعلى ما يقع حينئذٍ من حديث السِّلفي. وكذا وقع له حديث الرازي بالسَّماع المتصل عاليًا أيضًا.
وأعلى ما سمعه من الأجزاء المنثورة مطلقًا "جزء أبي الجهم العلاء بن (?) موسى" صاحب الليث بن سعد، فإنه وقع له بالسَّماع المتصل إلى أبي القاسم البغوي، الذي ساوى البخاري ومسلمًا وغيرهما في كثير من الشيوخ، فبينه وبينه ستة أنفس، وقد مات منذ خمسمائة سنة وأكثر من عشر سنين. ويليه مما هو في نحو طبقته "جزء ابن مخلد"، ويليه مما يلحق به لكن في الطريق إجازة - كالجزء الثاني من "حديث ابن مسعود"، وكتاب "البعث" لابن أبي داود. ويليه ما في طريقه إجازتان. كالأول الكبير من "حيث أبي طاهر المخلِّص"، والثاني من الثاني منه. و"جزء مأمون بن هارون".
ودون هذه الطبقة في العلوّ قليلًا، لكن بالسمع المتصل، كالمنتخب من "مسند عبد بن حميد"، و"مسند الدارمي"، وهو على الأبواب، ويليهما