ومات أبوها وهي صغيرةٌ، فنشأت نشأة حسنة (?)، وتعلمت الخطَّ (?)، وحفظت الكثيرَ مِنَ القرآن، وأكثرت مِنْ مطالعة الكتب، فمهرت في ذلك جدًّا، بحيث كان يظنُّ مَنْ يراها تقرأ مِنَ الكتاب أنها تحفظه لجودة استخراجها.
ثم تزوجت وهي صغيرة، وولد لها محمد، فرافق ما كناها به أبوها. وكانت بي برَّة رفيقة محسنة، جزاها اللَّه تعالى عني خيرًا، فلقد انتفعت بها وبآدابها مع صغر سنها، وماتت شابَّةً في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. عوضها اللَّه تعالى وإيانا الجنة، بمنِّه وكرمه.
قلت: وقال في موضع آخر: كانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء، وهي أمي بعد أمي، أُصبت بها. انتهى.
وقد رثاها البدر البَشْتَكِي بقوله:
كم ذا يزيد الدهرُ في حربي ... وبالنَّوى يرمي بلا لُبِّ
طيبُ ثنا أودعتُه في الثرى ... يا دهرُ ضاع الطِّيبُ في التُّرْبِ
كم عَبرةٍ جاريةٍ بالأسى ... منذ سرت سيِّدةُ الركبِ
آهٍ لها مِنْ زهرةٍ قد ذَوَتْ ... بكى عليها الجوُّ بالسحبِ
وأغربَ البلبلُ في نوْحِه ... مطارحًا ساجعة القُضْبِ
وكادَ مِنْ مكروه رُزءٍ بها ... يُجيبُه الواجب بالنَّدبِ
صبرًا لها يا ابن عليٍّ فما ... أخُ العلا إلا أبُو الخطبِ
وشيمةُ الدهر كذا لم يزل ... يرفض أو يخفِض ذا النصْبِ
وبينما طائرهُ صادحٌ ... إذ يتبعُ التَّغريدَ بالنَّعْبِ
ربَّ المعالي أنت يا سيدي ... فعِشْ لقيت الخيرَ مِنْ رَبِّي