وأرى أنَّ امتحان مَنْ يمتحن منهم بذلك سببُه عدمُ إخراج الزَّكاة.
وسئل رحمه اللَّه مرَّة: ماذا يكتب على حمله؛ ليتميز عن غيره على جاري العادة، فأجابه بديهة: (حم. عسق)، وأشار إلى أن حروفها مِنْ حروف اسمه ونَسَبِه.
وكان يحتال في المواطن التي تؤخَذ فيها المكس على الذَّهب -كإسكندرية- بأن يأمرَ بجعله في وعاءِ سَمْن أو عسل أو نحو ذلك قبل وضع شيء فيه، ثم يختِمُ عليه بما يكونُ حائلًا بينه وبين ما يُوضَعُ فيه، ثم يملؤه بما يكون مناسبًا للظَّرف، فلا يتفطَّن لذلك.
وكان رحمه اللَّه قليل الدُّخُول إلى الحمام، وإذا دخل تَنَوَّر، ولا يُطيلُ المُكْثَ بها، ويكون في خلوة غاية ما يكون مِنَ التَّستُّر، بل يكونُ بالمِئزَر في حال اغتساله، وأظنه كان يغتسِلُ عند الحلبية في البيت.
وكان رحمه اللَّه غالب الأوقات يجيئه الحلاق -وليس بمعيَّنٍ- إلى بيته، أو إلى المدرسة المحمودية. ودخل مرَّةً حمامًا بعيدة عن منزله، فجاءه البلانُ الذي في حمَّامه المعتاد، فتلطَّف في رَدِّه، وقال: أنتَ تختصُّ بحمامِكَ، وجماعةُ هذا المكان يختصُّون به، فلا تزاحمهم ولا يزاحموك.
وسمعته يحكي أنَّ الحلاق القليل الدُّرْبَة يُتعبِني مِنْ أجل أكثرة إدارته لرأسي، ولو دار هو، لكان أسهل.
وكان هو رحمه اللَّه يتولى قصَّ شاربه وأظفاره ونحو ذلك بنفسه، وله بكلِّ هذا خبرةٌ.
وكان رحمه اللَّه في الغالب هو الذي يتولَّى صبَّ الماء على نفسه في الوضوء، وكذا في حمل الإبريق إلى الطَّهارة، لا سيَّما في اللَّيل، مع أن عنده الكثير ممَّن يكفيه المؤنة في هذا كلِّه.
وكان رحمه اللَّه يهيِّىء سَحُوره مِنَ العِشاء.
فهذه نُبذَةٌ ممّا شاهدته مِنْ أحواله، وعلمتُه كان شريفِ خصاله، وهي كما قيل:
أخفُّ على رُوحٍ وأطيب مِنْ نَدَى ... وأقصرُ في سَمْعِ الجَلِيسِ وأطولَا