جُبَيْرُ بن مطعِم الصحابي، وصار شعارًا لقضاة الإِسلام وعلماء الأنام، حتَّى ذكر (?) التاج السبكي أنَّه قال لأبيه التَّقيِّ رحمهما اللَّه: أراك أيام المواكب السُّلطانية تَلبَسُ الطَّيلسان مواظبًا عليه، مع كونك تقعد للحكم بثياب ما تساوي عشرين درهمًا. فقال: إنَّ هذا صار شعار الشَّافعية، ولا أريدُ أن ينسى، وأنا فما أنا مخلَّدٌ، سيجيئ غيري ويلبسُه، فما أحدث عليه عادةً في تبطيله. انتهى.
وكيفيته -فيما صرَّح به بعض العلماء- أن يجعله على رأسه ويدير طَرَفَهُ على منكِبِه الأيسر، فيصير طرفُه الأول مرخَى على صدره مِنْ جهته اليسرى والطَّرف الآخر على منكبه الأيسر مِنْ وراءِ ظهره. قال: وما يُفْعَلُ الآن مِنْ إدارته حول العُنُق، فبدعة. كذا قال.
ولأبي الحسن علي بن جابر بن عليٍّ الهاشمي:
قومٌ لهم سيرةٌ سارت بجهلِهِمُ ... قِد ارتَدَوا برداءِ الكِبْرِ والحُمُقِ
وخفَّت رؤوسهم أو خفَّ عَقلُهُمُ ... لولا طيالِسَهم طارت مِنَ العُنُقِ
وكان شيخنا رحمه اللَّه يقول: إن الطَّوق الذي يفعله المباشرون ونحوُهم نافعٌ جدًا. قال: ولو كان يُمكِنُني فعله، ما تخلَّفت عنه.
قلت: لا سيما وبعضهم فسَّرَّ قوله: "كلابسِ ثوبي زُورٍ" بمن يجعل في كُمِّه كمًّا آخر، يُوهِمُ أنَّ الثَّوبَ ثوبان، فإن الطَّوق نحوه.
لكن كان ربَّما جعل بَدَلهُ في بعض الأحيان منديلًا لطيفًا يديره على رقبته.
وكذا كان لا يتأنَّقُ في ألفاظه، بل يعيب على مَنْ يتقعَّرُ في كلامه. قال مرَّة لمن تكلم معه وأمعن في ذلك: تكلَّم معي بالكلام المتعارَفِ، ولا تُقَعِّر.