أَن أَبيت مَعهَا وَلَا بُد من استبرائها فَقَالَ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا فَإِن الْحرَّة لَا تستبرأ فَأعْتقهَا وَتَزَوجهَا على عشْرين ألف دِينَار فَدَعَا بِالْمَالِ وَدفعه إِلَيْهَا ثمَّ قَالَ يَا مسرور احْمِلْ إِلَى يَعْقُوب عشْرين تختا من ثِيَاب ومأتي ألف دِرْهَم قَالَ بشر بن الْوَلِيد فَنظر إِلَيّ وَقَالَ رَأَيْت بَأْسا فِيمَا فعلت قلت لَا قَالَ خُذ مِنْهَا حَقك الْعشْر قَالَ فَأَرَدْت أَن أقوم فَإِذا بِعَجُوزٍ دخلت وَقَالَت بنتك تقرئك السَّلَام وَتقول مَا وصل إِلَيّ من الْخَلِيفَة إِلَّا الْمهْر فوجهت إِلَيْك نصفه وَالْبَاقِي جعلته لاحتياجي فَأخذ المَال وَأَعْطَانِي ألف دِينَار انْتهى

وَلَا يخفى أَن فى المخاطر حزازة من قَوْله فَيكون لم يبع وَلم يهب بل يكون بيعا وَهبة كِلَاهُمَا لِأَنَّهُمَا كَمَا يتعلقان بكلها يتعلقان بجزئها نفيا واثباتا وَهَذَا بِحَسب اللُّغَة وتعليمه رَضِي الله عَنهُ مَبْنِيّ على الْعرف فَإِن بِنَاء الْإِيمَان عَلَيْهِ غَالِبا وَمَعَ ذَلِك لَو وَهبهَا للسطان أَو بَاعهَا وَكفر عَن يَمِينه أَو أهداها إِلَيْهِ بِنَاء على الْفرق بَينهَا وَبَين الْهِبَة كَانَ أولى كَمَا لَا يخفى وَبِهَذَا تبين لَك فرق بَين بَين حيل الإِمَام الأول وَالثَّانِي رَحْمَة الله عَلَيْهِمَا فَتَأمل

ويروي أَن الرشيد حلف بِالطَّلَاق ثَلَاثًا أَن باتت زبيدة فى ملكه وَنَدم وتحير فَقيل هُنَا فَتى من أَصْحَاب أبي حنيفَة يُرْجَى مِنْهُ الْمخْرج فَدَعَاهُ فَعرض عَلَيْهِ وَقَالَ اسْتعْمل حق الْعلم قَالَ كَيفَ أَنْت على السرير وَأَنا على الأَرْض فَوضع لَهُ كرْسِي فَجَلَسَ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ تبيت اللَّيْلَة فى الْمَسْجِد وَلَا يَد لأحد على الْمَسْجِد قَالَ تَعَالَى {وَأَن الْمَسَاجِد لله} فولاه الرشيد قَضَاء الْقُضَاة

أَقُول وَهَذَا أَيْضا لَا يَخْلُو عَن إِشْكَال لِأَن يَمِينه على ملكه بِالضَّمِّ لَا على ملكه بِالْكَسْرِ وَلَا شكّ أَن الْأَوْقَاف والأملاك دَاخِلَة تَحت ملك السُّلْطَان لُغَة وَعرفا فَالْحِيلَةُ كَانَت أَن يعْزل نَفسه ويولي غَيره مِمَّن يعْتَمد عَلَيْهِ فى تِلْكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015