وَمِمَّا يدل على فَضِيلَة الْمُتَقَدِّمين قَوْله تَعَالَى أَو لم يرَوا أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها وَفسّر أَنه يَمُوت علمائها وقرائها وَحَدِيث أَن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعا وَلَكِن يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء حَتَّى إِذا مَاتَ الْعلمَاء اتخذ النَّاس رؤسا جُهَّالًا فأفتوا بِغَيْر علم فضلوا وأضلوا وَمن هُنَا لما كَانَ الإِمَام فى الْقرن الْمَشْهُور اكْتفى بِظَاهِر عَدَالَة الشُّهُود إِلَّا فى بَاب الْحُدُود وصاحباه لما كَانَا فى عصر غَلَبَة الْهوى فاشترطا تَزْكِيَة أَرْبَاب الْهدى وَقد جَاءَ فى الْآثَار وَالْأَخْبَار أَن أولي الْأَمر هم الْعلمَاء الأخيار وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام فى صَحِيح مُسلم من مَاتَ وَلم يعرف إِمَام زَمَانه مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة مَعْنَاهُ لم يعرف من يجب عَلَيْهِ الإقتداء والإهتداء بِهِ فى أَوَانه
وَقد قَالَ بَعضهم فى تَعْرِيف الْمُجْتَهد هُوَ الذى يكون صَوَابه أَكثر من خطائه أَو الْعَكْس فَإِن الْمُجْتَهد يُخطئ ويصيب وَثُبُوت لَا أَدْرِي لَا يُنَافِي كَونه مُجْتَهدا فَإِن مَالِكًا سُئِلَ عَن أَرْبَعِينَ حَدِيثا فَقَالَ فى سِتّ وَثَلَاثِينَ لَا أَدْرِي وَسُئِلَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن مسئلة فَقَالَ سلوا مولَايَ الْحسن وَذكر الكردري أَن الإِمَام حِين فر من بني أُميَّة جاور بالحرمين مُدَّة كَثِيرَة وَإِنَّمَا لزم الإِمَام من بَين مشايخه الْكِرَام حَمَّاد ابْن أبي سُلَيْمَان الْكُوفِي الْأَشْعَرِيّ الْفَقِيه لِأَنَّهُ كَانَ أفقه من غَيره كَمَا صرح الإِمَام بِنَفسِهِ وَذكر الإِمَام النَّيْسَابُورِي أَن حمادا كَانَ يفْطر عِنْده فى كل لَيْلَة من ليَالِي رَمَضَان خَمْسُونَ إنْسَانا فَإِذا كَانَ لَيْلَة الْفطر كساهم وَأَعْطَاهُمْ كل وَاحِد مائَة مائَة وَذكر أَيْضا أَن رجلا كلم حمادا أَن يحول ابْنه من معلم إِلَى معلم آخر لِأَن الْمعلم الأول يُقَال مَا يجْرِي عَلَيْهِ كل شهر فَقَالَ كَمَا يجْرِي عَلَيْهِ كل شهر قَالَ ثَلَاثُونَ فَقَالَ دع الْوَلَد عِنْده فَإنَّا نجري عَلَيْهِ فى كل شهر من عندنَا مائَة وَذكر أَيْضا أَنه جَاءَ أَبُو الزِّنَاد جابيا للخراج إِلَى الْكُوفَة