.. يصف الرشاد وَلَا يَصح لرشده ... ويظل يخبط فى دجى ظلمائه
يعشو إِذا برقتْ صواعق مَكَّة ... ويظن أَن طلعت شموس رجائه
حسب الْمُنَافِق أَن يكون محالفا ... فى فعله عَن قَوْله بريائه
مَا عذر من قطع الزَّمَان مسوفا ... فى طَاعَة الرَّحْمَن يَوْم لِقَائِه ...
816 - عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد السَّرخسِيّ من طبقَة أبي عبد الله قَاضِي الْقُضَاة الدَّامغَانِي تفقه بِأبي الْحسن الْقَدُورِيّ وَقصد بِلَاد خوزستان فاستنابه أَبُو الْحُسَيْن عبد الْوَهَّاب بن مَنْصُور بن المُشْتَرِي قَاضِي ممالك الْملك أبي بكاء النجاري يؤمه على قَضَاء الْبَصْرَة وَكَانَ ابْن المُشْتَرِي عَظِيم النِّعْمَة كثير الأفضال على أهل الْعلم شَافِعِيّ الْمَذْهَب فَلَمَّا وصل السَّرخسِيّ إِلَى الْبَصْرَة وَبهَا الْوَزير أَبُو الْفرج بن قنابحس ولقبه ذُو السعادات وَكَانَ فَاضلا أديبا فَكتب إِلَى القَاضِي أبي الْحُسَيْن بن المُشْتَرِي مظْهرا للتعجب من استخلافه وَيَقُول كنت رجلا غَرِيبا فَقِيرا على بَلْدَة فِيهِ ذُو الْأَنْسَاب وَالْأَمْوَال والعلوم فَلَمَّا ورد الْكتاب على ابْن المُشْتَرِي قَرَأَهُ وَأمْسك فَقَالَ الْحَاضِرُونَ يَنْبَغِي أَن تكْتب إِلَى الْوَزير وتعرفه بمواضعه من الْعلم وَالدّين فَقَالَ مَا يحْتَاج إِلَى هَذَا وَمَا يتَأَخَّر كِتَابه لدي يشكرني على ولَايَته وَإِن كَانَ مَا عرفه فسيعرفه فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جَاءَ كتاب يعْتَذر بِمَا كتب بِهِ ويعتدله باستخلافه فَقَالَ ابْن المُشْتَرِي رَآهُ فى أول اجْتِمَاعهمَا نحيف الْجِسْم مُنْقَطع الْكَلَام فَلَمَّا ازداره كتب ذَلِك الْكتاب ثمَّ اعترفه فَعرف هَدْيه وَعلمه وَمَا خَفِي عَلَيْهِ ذَلِك من بكرَة يَوْم وَعَشِيَّة وَكَانَ ذُو السعادات يتَّفق عَلَيْهِ الْفُضَلَاء وبالفضل تقدم عِنْده رَئِيس الرؤساء أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن الْمسلمَة حَتَّى سعى لَهُ فى وزارة الْخَلِيفَة وَسَأَلَ ذُو السعادات أَبَا بكر السَّرخسِيّ فَقَالَ مَا تَقول فى رجل شوه باسم الله الْأَعْظَم فَكتب فى أول كِتَابه مَا هَذِه صورته مَعَه فَقَالَ لَهُ فى الْجَواب يكره للنَّاس