والمقياس في تقدير ما يندفع به الصائل من أعمال يرجع إلى ظن المدافع وتقديره المبني على أسباب معقولة.
فلو أنه لم يجد في يده إلا السلاح، وكان الصائل ممن يمكن رده بضرب السوط أو العصا، كان له استخدام السلاح.
وكذا لو التحم الصائل والمصول عليه في القتال، واشتد الأمر عن الضبط سقط اعتبار الترتيب في رده، أو كان الصائلون جماعة، فإن التحم بأحدهم نفذ الباقون كان له الرد بما يراه دافعا لشرهم، أو كان الصائل يباشر الزنا فعلا، كما حدث مع الشخص الذي قتل رجلا وجده يزني بامرأته ورفع أمره إلى عمر فأهدر دم المقتول.
فالمقياس الصحيح للتدرج في دفع الصائل يرجع إلى تقدير المصول عليه المبني على أسباب معقولة يراعي فيه نوع الجناية التي قصدها أو باشرها الصائل.
كما تناول الفقهاء بالبحث رد العدوان بهرب المصول عليه إلا ما يحميه من الاعتداء، فيرى بعض الفقهاء وجوبه وتحريم القتال، كما وجب عليه الأكل في المخمصة، ولأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون فالأهون، والهرب أخف أسهل من غيره، فلا يعدل إلى الأشد، فإذا لجأ إلى الأشد كان ضامنا، فيقتص منه، وقال البغوي: تجب الدية، وسواء كان المقصود نفسه أو ماله أو عرضه ما دام يمكنه إنقاذ المال والعرض معه ومنع العدوان عليهما، وإلا لم يجب ويلزمه أن يثبت ويدافع.
ويرى بعض الفقهاء أنه لا يجب عليه الهرب؛ لأن إقامته في هذا الموضع