وأحدث الآراء اليوم في القوانين الوضعية أن الدفاع استعمال لحق إباحة القانون الوضعي، بل أداء لواجب؛ لأن من حق كل إنسان -بل ومن واجبه- أن يُعنَى بالمحافظة على حياته، وأن يدافع عن نفسه وأهله وماله، فضلا عن أن الجماعة لا مصلحة لها في العقاب، والناظر في هذا التطور القانوني يجد أنه في نهاية مطافه قد انتهى في القرن العشرين إلى ما بدأت به الشريعة الإسلامية في القرن السابع، فالدفاع يكيف في الشريعة بأنه واجب في جميع الحالات -على رأي الجمهور- وواجب في أكثرها حق في بعضها -على رأي بعض الفقهاء- وهو يكيف اليوم في القوانين الوضعية بأنه حق إن لم يكن واجبا1.

شروط دفع الصائل:

تناول الفقهاء بالبحث ما يلزم من شروط لاعتبار المصول عليه في حالة دفاع شرعي نبينها فيما يلي:

أولا: أن يكون هناك اعتداء واقع فعلا، أو متوقع الحدوث، فإذا كان الفعل مشروعا في ذاته لم يبح دفعه، كالأفعال الصادرة بإذن الإمام أو نائبه، وتنفيذ الأحكام في المجرمين، وكالتأديب والتهذيب أو التعليم، إذا تم بما يصلح لذلك -كما سبق إيضاحه- وسواء حل الاعتداء بالنفس أو بالعرض أو بالمال، وسواء كان من نفس الإنسان على نفسه أو على عرضه أو على ماله، أو على نفس الغير أو عرضه أو ماله، وسواء كان صادرًا من إنسان مكلف أو غير مكلف، أو من حيوان -على نحو ما بيناه آنفا- فيصال أي من هؤلاء يبيح دمه، ويظل المصول عليه معصوم الدم ما دام الاعتداء قائمًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015