دمه للمحاربة، قال تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} الآية، فجاز للمسلمين الذين شهر عليهم السف أن يقتلوه، وفي قوله: "عليهم أن يقتلوه" إشارة إلى أنه وجب عليهم أن يقتلوه دفعا للشر عن أنفسهم؛ لأن دفع الشر واجب، وجاز لغيرهم أن يعينوهم على ذلك حتى يدفعوا الشر عنهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" يعني: إذا كان ظالما تمنعه من الظلم، وإذا كان مظلوما تمنع الظلم عنه1.
وأيد هذا ما جاء في رد المحتار من أنه يجب دفع الضرر، فإن لم يندفع إلا بالقتل قتله.
تكييف القوانين الوضعية للدفاع الشرعي: اختلف تكييف القوانين الوضعية للدفاع الشرعي باختلاف الأزمنة، فقديما كانوا يرون أنه حق مستمد من القانون الطبيعي، لا القانون الوضعي، وفي العصور الوسطى اعتبر الدفاع حالة لا تمنع من العقوبة؛ ولكنها تؤهل للعفو عن العقوبة.
وفي القرن الثامن عشر فسر الدفاع بأنه حالة ضرورة تبيح للمرء أن يدافع عن نفسه بنفسه، وتنشأ الضرورة من عدم وجود حماية حاضرة من الهيئة الاجتماعية.
وفي القرن التاسع عشر كيف الدفاع بأنه حالة من حالات الإكراه؛ لأن الخطر المحدق بالمدافع يجعله عديم الاختيار، ولأن الجاني يندفع بغريزته للمحافظة على حياته، وقد أخذ على هذا التكييف بأنه لا يعلل الدفاع عن الغير ولا عن المال، وأنه يؤدي إلى تبرير الدفاع عند استعمال الحق أو أداء الواجب.