الدفاع عن عرض الغير ونفسه وماله:

لا يختلف الحكم هنا عنه في دفاع الإنسان عن عرضه أو نفسه أو ماله، بل يزداد تأكيدا؛ إذ إن للإنسان الحق في الإيثار بحق نفسه دون حق غيره، وحقوق الغير هي حقوقه؛ لأن المجتمع الإسلامي يمثل خلية واحدة تتعاون في كل ما هو خير، وتدرأ كل ما هو شر عن نفسها أو غيرها، يدل على ذلك الكثير من الآيات والأحاديث، ونعرض فيما يلي موقف الفقه الإسلامي من الدفاع عن الغير:

أما الدفاع عن عرض الغير، فلا خلاف في وجوبه، كما وجب في دفاع الإنسان عن عرضه وأهله؛ لأنه لا سبيل إلى إباحته، وسواء كان الصيال على البضع، أو مقدماته -كما صرح الشافعية والإمامية- وذلك لأن مدلول كلمة: "من قتل دون أهله فهو شهيد" يشمل كل تهجم لنيل ما حرم الله تعالى عليه نيله، وقد حرم عليه البضع ومقدماته، وحسبنا في ذلك إهدار الرسول -صلى الله عليه وسلم- دم من تلصص بالنظر إلى حرمات الغير، فقد روي عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو أن رجلا اطلع عليك بغير إذن، فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح" رواه مسلم، وعن سهل بن سعد الساعدي "ص" أن رجلا اطلع في حجر باب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مدري يحك بها رأسه، فلما رأه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به عينك"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإذن من أجل النظر" رواه مسلم.

وأما الدفاع عن نفس الغير، فحكمه حكم دفاع الإنسان عن نفسه، فجمهور الفقهاء يرونه واجبا، حتى إن الشافعية الذين رأوا أن دفاع الإنسان عن نفسه جائز وليس بواجب أوجبوا -في رأي ثان لهم- الدفاع عن الغير، فجاء في مغني المحتاج: "وقيل: يجب الدفع عن غيره قطعا؛ لأن له الإيثار بحق نفسه دون حق غيره"، وبه جزم البغوي وغيره، وروي في مسند أحمد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015