دمي لم يبح، على أنه إذا صال فقد أبيح دمه بفعله، فيجب أن يسقط ضمانه كالمكلف.
الترجيح:
وأرى رجحان رأي جمهور الفقهاء؛ لأن الصيال أمر غير مشروع أوجب المشرع دفعه، وإذا كان دفع الشر واجبا، كان القائم على دفعه غير ضامن؛ لأنه يؤدي أمرا مشروعا يحفظ على المجتمع عناصره الحية الفعالة، والتفريق بين المكلف وغيره، يتنافى مع مشروعية الدفاع، ومع حقيقة ما قصد إليه المشرع من حماية الناس من الصيال ... فيجب أن يناط الحكم بالصيال، فإذا وجد وجب دفعه ولو أدى إلى القتل أو الإتلاف أيا كان الصائل.
رأي القوانين الوضعية في جناية غير المكلف: يرى شراح هذه القوانين أنه يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد المجنون أو الطفل، ولو أن كليهما معفي من العقاب؛ لأن الدفاع الشرعي ليس عقابا يقع على المعتدي، وإنما هو دفع لعدوانه، وهذا يتفق مع ما يراه أكثر الفقهاء، كما سبق إيضاحه.
واختلف شراح القوانين فيما إذا كان هجوم الحيوان يمكن دفعه استنادا إلى حق الدفاع الشرعي، أو استنادا إلى حالة الضرورة، فرأى البعض ما يراه فقهاء الحنفية من أن الحيوان الأعجم لا يمكن اعتباره معتديا أو مرتكبا لجريمة، وأن حالة الضرورة هي التي تبيح قتل الحيوان، وبهذا يأخذ القانون المصري م"246"، ورأى البعض الآخر تطبيق نظرية الدفاع الشرعي بالنسبة للحيوان، وهو يتفق مع ما يراه جمهور الفقهاء.