في ميدانه، فهدمها هدم له، وصيانتها صيانة له، ومن هنا كان الدفاع عنها واجبا، كانت للإنسان أم كانت لغيره.
الصائل غير المكلف:
هذا إذا كان الصائل مكلفا، فأما إذا كان غير مكلف بأن كان صبيا أو مجنونا، أو كان حيوانا، فإنه يجب دفعه، ولو أدى إلى قتله، غير أنه يثور خلاف بين الفقهاء حول وجوب ضمانه.
فيرى الحنفية -غير أبي يوسف- أنه لا ضمان في قتل الصائل المكلف، وأما غير المكلف فإنه تجب دية الصبي والمجنون في مال القاتل؛ لأنه قتل نفسا معصومة، وكذلك تجب قيمة الدابة في ماله؛ لأنه أتلف مالا معصوما حقا للمالك؛ لأن الفعل من هذه الأشياء غير متصف بالحرمة، فلم يقع بغيا، فلا تسقط العصمة به لعدم الاختيار الصحيح، وبعبارة أخرى: إن فعل الدابة لا يصلح مسقطا للضمان، وكذا فعلهما لا يصلح مسقطا للدية، وإن كانت عصمة المجنون والصبي حقهما؛ لأن سقوط عصمتهما بفعلهما إنما يكون إذا كان هناك اختيار صحيح منهما بارتكاب الجريمة، وهما معدوما الاختيار الصحيح؛ ولهذا لا يجب القصاص عليهما إذا فعلا ما يوجبه، خلاف العاقل البالغ؛ لأن له اختيارا صحيحا، ولم يجب القصاص في قتل المجنون والصبي لوجود المبيح، وهو دفع الشر، وإذا لم يجب القصاص تجب الدية، أو بعبارة أخرى: إنهم يرون أن الضمان يتبع كون الصيال غير مصحوب بالقصد الصحيح، فإن كان مصحوبا به -كصيال المكلف- لا يكون هناك ضمان، ويقاس الضمان هنا على تضمين المضطر ما أكله من العام مملوك للغير، فإنه يباح له ذلك إنقاذا لحياته، ويضمن المال احتراما من المالك.