فإذا أراد الفاجر الزنا أو أخذ المال أمسكنا عنه حتى يفعلها، فيكون في ذلك ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستيلاء الفجار وغلبة الفساق والظلمة.

ثم إن العقل يقضي، والنفس تلزم الإنسان إذا كان قادرا على الدفاع عن نفسه أو ماله أو عرضه أن يفعل ذلك، وتراخيه في هذا المجال فتح لأبواب الشرور، وتزكية للأشرار، فيجب أن تغلق، وإغلاقها يكون بإيجاب الدفع على المصول عليه وعلى من رأى ذلك من الناس أجمعين.

الحالة الثالثة: الدفاع عن مال نفسه: واضح من أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- المتقدمة في صدر هذا المبحث الأمر بالدفاع عن المال، ومما جاء في حديث أبي هريرة المتقدم قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "فقاتله" وهو أمر، والأمر يقتضي الوجوب، ومثله ما روي عن قابوس بن أبي المخارق عن أبيه قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل يأتيني يريد مالي؟ قال: "ذكره الله" قال: فإن لم يذكر؟ قال: "استعن عليه من حولك من المسلمين" قال: فإن لم يكن حولي منهم؟ قال: $"فاستعن عليه السلطان" قال: فإن نأى عني السلطان؟ قال: "قاتل دون مالك حتى تمنع مالك أو تكون شهيدا في الآخرة" وهو أسلوب أمر أيضا.

وقد روى محمد عن أبي حنيفة أنه قال في اللص ينقب البيوت: يسعك قتله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون ماله فهو شهيد"، ولا يكون شهيدا إلا وهو مأمور بالقتال إن أمكنه، فقد تضمن كل ذلك إيجاب قتله إذا قدر عليه، كما ذكره الجصاص الحنفي في أحكام القرآن1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015