المقتولين وطلبوا القصاص قتل لجماعتهم، ولا شيء لهم غير ذلك، فإن حضر واحد منهم قتل له وسقط حق الباقين، وقد استدلوا بالقياس، وذلك من وجهين:
1- قالوا: إنه إذا اقتص من الواحد للجماعة كان كل واحد من أولياء القتلى مقتصا بوصف الكمال، فحصل التماثل والتساوي كما حصل التماثل والتساوي في قتل الجماعة بالواحد؛ إذ إنه لو لم يوجد ذلك لما وجب القصاص من الجماعة للواحد؛ لأن المثل اسم مشترك، فمن ضرورة كون أحد الشيئين مثلا للآخر أن يكون الآخر مثلا، كاسم الأخ والزوج، فوجوب القصاص من الجماعة للواحد دليل على أنها مثل له؛ إذ القصاص لا يجب في كل موضع يتعذر فيه اعتبار المماثلة -ككسر العظم- أو يتوهم فيه عدم المماثلة -كالجائفة- فإذا كانت الجماعة مماثلة للواحد، كان الواحد مماثلا للجماعة، فإذا اقتصوا منه، أو اقتص منه أحدهم، لم يكن لهم، أو للباقين شيء آخر.
2- ولأن القصاص شرع مع المنافي، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "الآدمي بنيان الرب، معلون من هدم بنيان الرب"؛ لتحقيق الإحياء، وتحقيق الإحياء قد حصل بقتل القاتل، فاكتفى به، ولا شيء لهم غير ذلك1.