الرأي الثاني:
القصاص يقع عن واحد وللباقين الديات:
قال الشافعية: إذا قتل واحد جماعة فإنه قتلهم مرتبا قتل بأولهم، وإن قتلهم دفعة قتل بواحد منهم بالقرعة، وللباقين الديات في تركته لتعذر القصاص لهم عليه، وإنما تجب القرعة في المعية عند التنازع، فإن رضوا بتقديم واحد منهم من غير قرعة جاز، ولهم الرجوع إلى القرعة قبل القصاص، ولو قتلوه كلهم دفعة واحدة أساءوا ووقع القتل موزعا عليهم، ولكل منهم ما بقي من دية مورثه، فلو كانوا ثلاثة حصل لكل منهم ثلث حقه، ويرجع بثلثي الدية والعبرة بدية المقتول لا القاتل1.
وجه قول الشافعي: أن المماثلة مشروطة في باب القصاص، ولا مماثلة بين الواحد الجماعة، فلا يجوز أن يقتل الواحد بالجماعة على طريق الاكتفاء به، فيقتل الواحد بالواحد وتجب الديات للباقين، كما لو قطع واحد يميني رجلين، فإنه لا يقطع بهما اكتفاء، بل يقطع بإحداهما وعليه أرش الآخر لمماثلتها، كذا هذا.
وأما قتل الجماعة بالواحد فقد كان ينبغي ألا تقتل الجماعة بالواحد قصاصا لعدم المساواة، إلا أنا عرفنا ذلك بإجماع الصحابة -رضي الله عنهم- غير معقول، أو معقولا بحكمة الزجر والردع لما يغلب من وجود القتل بصفة الاجتماع ... فيجعل كل واحد منهم قاتلا على الكمال كأن ليس معه غيره تحقيقا للزجر، وقتل الواحد الجماعة لا يغلب وجوده بل يندر، فلم يكن