مقابلا للمعاهد؛ لأن المعاهد يقتل بمن كان معاهدا مثله من الذميين إجماعا.
فيلزم أن يقيد الكافر في المعطوف عليه بالحربي كما قيد في المعطوف؛ لأن الصفة بعد متعدد ترجع إلى الجميع اتفاقا، فيكون التقدير: لا يقتل مؤمن بكافر حربي ولا ذو عهد في عهده بكافر حربي.
قال الطحاوي: ولو كانت فيه دلالة على نفي قتل المسلم بالذمي لكان وجه الكلام أن يقول: "ولا ذي عهد في عهده" وإلا لكان لحنا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يلحن، فلما لم يكن كذلك علمنا أن ذا العهد هو المعني بالقصاص، فصار التقدير: لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر، قال: ومثله في القرآن الكريم: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} فإن التقدير: اللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن1.
وقال الطحاوي أيضا: ولا يصح حمله على الجملة المستأنفة -كما فهم أصحاب الرأي الأول- لأن سياق الحديث فيما يتعلق بالدماء التي يسقط بعضها ببعض؛ لأن في بعض طرقه: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم"، ولأن جعله كلاما تاما في نفسه يؤدي إلى ألا يقتل ذو عهد مدة عهده حتى وإن قتل مسلما، وليس هذا بصحيح بالإجماع، فيقدر: ولا ذو عهد في عهده بكافر، على طريقة قوله تعالى: {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} .
فالحديث يدل بمنطوقه على أن المسلم لا يقتل بالكافر الحربي، وكذلك لا يقتل ذو العهد بالكافر الحربي، ويدل بمفهومه على أن المسلم يقتل بالذمي2.