فإن قيل: ما كيفية قتل المسلم بالحربي حتى صح نفيه بالحديث وقتلهم واجب؟
فالجواب من جهتين: إحداهما: أنه إذا دخل مسلم دار الحرب بأمان فقتل كافرا حربيا، فقتله حرام، ولكن لا يقتص منه. والثانية: أن يقتل المسلم من لا يحل قتله من أهل دار الحرب كالنساء والصبيان فقتهلم حرام، ولكن لا يقتص منه أيضا، وبهذا يظهر أن للنص على ذلك في الحديث فائدة ظاهرة.
كما استدلوا بما أخرجه الطبراني أن عليا أُتي برجل من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة، فقامت عليه البينة، فأمر بقتله، فجاء أخوه فقال: إني قد عفوت، قال: فلعلهم هددوك، وفرقوك، وقرعوك1، قال: لا، ولكن قتله لا يرد علي أخي، وعرضوا لي، ورضيت، قال: أنت أعلم، من كان له ذمتنا فدمه كدمنا، وديته كديتنا2.
وهذا الأثر واضح في دلالته على عصمة دماء أهل الذمة، وأنه إذ قتل مسلم واحدا منهم قتل به.
كما استدلوا بما روى محمد بن الحسن عن إبراهيم -رحمهما الله- أن رجلا من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة، فرفع ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أنا أحق من وفى بذمته"، ثم أمر به فقتل.
ورد عليهم بأن مدار هذا الحديث على ابن البيلماني، وهو ضعيف، قال صالح بن محمد الحافظ رحمه الله: ابن البيلماني حديثه منكر، روى عنه ربيعة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل مسلما بمعاهد، وهو مرسل منكر، وقال الدارقطني: