أما السنة: فقد روي عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم شيء من الوحي ما ليس في القرآن؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر، رواه أحمد والبخاري والنسائي وأبو داود والترمذي.
فقد نهى عليه الصلاة والسلام عن أن يقتل مسلم بكافر، وهو بعمومه يشمل كل كافر ذميا كان أم مستأمنا.
وعن علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده" رواه أحمد والنسائي وأبو داود وأخرجه الحاكم وصححه.
وجه الاستدلال: أن الحديث ينهى عن قتل المؤمن بالكافر كالحديث المتقدم، وأما جملة: "ولا ذو عهد في عهده" فإنها جملة مستأنفة وردت لمجرد النهي عن قتل المعاهد؛ أي: أن الحديث احتوى على عدة أحكام "المكافأة بين دماء المؤمنين، يصح عقد الذمة من أدناهم، عدم قتل المسلم بالكافر، عدم قتل المعاهد خلال مدة عهده".
وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه: أن مسلما قتل رجلا من أهل الذمة، فرفع إلى عثمان، فلم يقتله، وغلظ عليه الدية. قال ابن حزم: هذا غاية في الصحة، فلا يصح عن أحد من الصحابة شيء غير هذا إلا ما رويناه عن عمر أنه كتب في مثل ذلك أن يقاد به، ثم ألحقه كتابا فقال: لا تقتلوه، ولكن اعتقلوه1.