صَاغِرُونَ} 1 فقد جعلت الآية الكريمة نهاية القتال قبولهم إعطاء الجزية، فإذا قبلوها فقد عصموا دماءهم وأموالهم، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة: "فإن هم أبوا -أي الإسلام- فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك، فاقبل منهم وكف عنهم" رواه مسلم. وقد روي عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: إنما قبلوا عقد الذمة لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا.

وإن كانت العصمة بعقد أمان، فالأصل فيه قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} 2 فقد أباحت الآية للمسلمين السماح لغير المسلمين بدخول دار الإسلام لتحقيق غرض مشروع، ثم أمرت بأن يحافظ على المستأمن خلال فترة إقامته؛ حتى يصل إلى وطنه الذي جاء منه آمنا، فلا يباح الاعتداء على نفسه ولا على ماله ولا على عرضه، وقال صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، هم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم".

فإن كان المجني عليه غير معصوم كما لو حربيا، أو مرتدا، أو زانيا محصنا، أو مستحقا القصاص في حق ولي الدم، فإن دمه هدر؛ لأنه مستحق للقتل، وقدسبق أن بينا الأدلة التي أهدر بها دم هؤلاء3.

وكذلك إن كان الجاني غير معصوم الدم، فإن قتله لا يكون قصاصا؛ لأن دمه مهدر، إما لكونه محاربا أو مرتدا أو زانيا محصنا.

الشرط الثالث: ألا يكون المجني عليه صائلا على الجاني، فإذا كان الجاني في حالة دفاع عن النفس أو العرض أو المال فإنه لا يكون مسئولا عما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015