نريد ألان نخوض في تعديد الجواهر والأعلاق النفسية المذخورة في الخزائن ونفرد لها مقالة تتلوها ثانية في أثمان المثمنات وما يجانسها من الفلزات فكلاهما رضيعا لبان في بطن الأم وفرسا رهان في الزينة والنفع ويكون مجموعها تذكرة لي في خزانة الملك الأجل السيد المعظم المؤيد شهاب الدولة وقطب الملة وفخر الأمة أبي الفتح مودود بن مسعود بن محمود قرن الله بشبابه اغتباطا وزاد يده بالنصر تطاولا وانبساطا فانه لما فوض الى الله تعالى أمره تولى إعزازه ونصره ونصب حب الله بين عينيه عفا عن من استغاث باسمه وأمّن من استأمن بذكره وأخفى صدقاته بعد صلاته البادية ليفوز بما هو خير له في السر والعلانية حقق الله آماله وتقبل أعماله بمنه وسعة جوده - ولم يقع إلى من هذا الفن غير كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي في الجواهر والأشباه قد افترع فيما عذرته وظهر ذروته كاختراع البدائع في كل ما وصلت اليه يده من سائر الفنون فهو أمام المحدثين وأسوة الباقين - ثم مقالة لنصر بن يعقوب الدينوري الكاتب عملها بالفارسية لمن لم يهتد لغيرها وهو تابع للكندي في أكثرها - وسأجتهد في أن لا يشذ عني شيء مما في مقالتيهما مع مسموع لي من غيرهما وان كانت طبقة الجوهر بين في أخبارهم المتداولة بينهم غير بعيدة عن طبقة القناص والبازياريين في أكاذيبهم وكبائرهم التي لو انفطرت السماوات والأرض لشيء غير أمر الله لكاتبه ولنا ببطليموس أسوة في تأمله من تحريصات التجار الذين لم يجد بدا من الاستماع منهم لتصحيح أطوال البلاد وعروضها من أخبارهم بالمسافات والعلامات - والله تعالى استوفق لما قدرت واستعينه على ما نويت والله الموفق -
في الجواهر
ابتدأ نصر بن يعقوب بتعديد اسامي المشهورين من طبقة الجوهريين في الأيام المروانية والعباسية مثل عون العبادي وايوب الأسود البصري وبشر بن شاذان وصباح ويعقوب المندي وأبي عبد الرحمن بن الجصاص وابن خباب ورأس الدنيا وابن بهلول وتحامينا اتبأعهلان هذه العدوة تتكاثر في الأزمنة والأمكنة وتشتهر عند الملوك الاجلة وتتفاضل بحسب العلم والفطنة وفوق كل ذي علم عليم -
وأول هذه الجواهر وأنفسها وأغلاها الياقوت - قال الله تعالى في تشبيه الحور العين في مقر الثواب (كأنهن الياقوت والمرجان) واليواقيت بالقسمة الأولى أنواع منها الأبيض والأكهب والأصفر والأحمر ولم يعن منها فى هذه الصفة غير أشخاص الأحمر فان الكهبة في الوجه والجلد من عوارض المخنوقين والملطومين والصفرة من لوازم الماروقين والخائفين - قال الحمزة بن الحسن الأصفهاني ان اسمه بالفارسية ياكند والياقوت معربة فان الفرس كانوا يلقبونه بسبج أسمور اي دافع الطاعون وهو سبج بالفارسية وقد وصف أحره في الكتب المعمولة في خواص الأحجار بما ذكر حمزة في معنى لقبه - والهند يسمونه بدْمَ راكك ويختارون منه المشبع الحمرة الصافي الشفاف وكان بدم اسمه وهو راك وبدم صفت له وانه في لغتهم اسم للنيلوفر الأحمر ويكثر الابيض في مستنقاعتهم وحياضهم دون الاكهب المسمى بالنيل على وجه التشبيه فلم نره في أرضهم إلا ان كان مجلوبا إليهم عارية لديهم وهذا الاكهب محمر عند الليل في الضلام خيالا لا حقيقة لحمرته تلك فإذا أعيد إلى نور الشمس عادت كهبته الأصلية ويشاركه فيها كل وردة كهباء كحب النيل وأمثاله من الزهر وهى أيضا تحمر بمس الخل أياها كما يخضر الورد الأحمر المبلول بالماء إذا نثر عليه مردا سنج مبيض بالتربية وذلك به وترك ساعة فانه يخرج بين الزنجارية والفستقية