وقالوا في مبدئه ان الحجاج لما كسر أواني الذهب والفضة بأرض العراق وفارس وشدد في حضر الشرب كره فيروز مولي الحصين الشرب بالزجاج وقال - أتذكر منه المحاجم فخلط له الفضة بالنحاس وصنع له جامات ثم أبدلت له الفضة بعد ذلك بالرصاص ويستعمل في الأواني والمشارب وكيزان الماء والإجانات وطساس غسل الثياب لتباعده قليلا عن التزنجر والتوسخ واهل سجستان مخصوصان بالحذق في عمله والتنوق فيه معتادون لاستعماله والصفارية ممتهنون قبل ارتقاء الملك وفي سفالة الزنج نحاس في غاية الجودة لايسود علي النار بل يتطوس ويحملون عليه الرصاص فيصير كالشبه وينقاد للانطراق لا كالصفر في إبائه اياه - ومزاج الصفر مزاج حقيقي لانهما بعد الاتحاد لايتميزان بحيلة يعودان بها إلي سنخيهما بالانفراد وإنما يبقيان معا ما بقيا ويفسدان معا إذا فسدا والطبيعيون بأسرهم مجمعون علي تحديد الحرارة والنار بأنها الجامعة للأشياء المتجانسة والمتفرقة بين غير المتجانسة ومثله الكندي شرحا فقال - من خاصية النار جمع أجزاء كل وأحد من الأجساد المعدنية جملة واحدة محدودة وتفريق الممتزجة منها إذا اختلفت جواهرها لأنها تحرق ما لاقت في قدر من الزمان فإذا لاقتهما ممتزجين قبلت علي أحالة أضعافهما بالإحراق حتى تفنيه ويبقي الأقوى - وقال - هذا هو الذي فتأ اومانيس حتى رجع إلي وعض افلاطن اذ كان يريد إدخال جوهر صابغ علي آخر يقومان علي النار ولا يفنيان الا معا ويكون جثة المتصبغ في الوزن والعظم مثل المعدني - وبهذا الشرط الأخير بطل صنهة الفضة والذهب الا أن ما نقدمه لاتطرده في الاسفيذروي لان النار فيه لا تسبق إلي إفناء الرصاص قبل النحاس وإنما تفنيان معا والحد المذكور ان لم يذكر فيه المعدن مع الأجساد وكان الغربال أحق به - وللكيميايين نسب الرموز والألغاز ألقاب للأجساد بأسماء الكواكب يظن بها موافقة لما عليه المنجمون وهي مخالفة لآرائهم وقد عللوا منها تعاشق الرصاص والنحاس للزهرة والرصاص للمريخ والشابة تلهج الشاب فتلازمه والمنجمون يجعلون دلالة الرصاص علي المشتري والنحاس للمريخ وليس بينهما إلا تلاصق الأفلاك - ووزن الصفر عند وزن قطب الذهب ستة واربعون وخمسة امان ولي في ذلك شبهات لايحملها الا التجربة وتوإلي الامتحان ولم تمكن الايام منها - والله الموفق -
وهو نحاس كسرت حمرته باسرب القي عليه حتى اختلط ومنه تفرغ الهواوين والطناجير وإذا كان الملقي عليه شبها غلبه الصفر ويسمي شبها مفرغا يعمل منه المنارات والمسارج وما يوضع في الكوانين من الاسطام والخطاف والكلبتين وافرغ منه حياض الماء للمساجد والممار وأمثالهما - واتخيل من معني اسمه إذا شدد منه التاء انه شر المس لانه مشابه للخبث غير مؤات لإكثار الطرق الإفراط في الكي - وربما اقتصر من اسمه علي روي وازيل من النحاس فخلس له اسم المس - وليس بين الاسرب والنحاس مثل بين النحاس والرصاص لأن المخلوط منهما إذا عرض علي اللهيب وخاصة مع الدسم سال اسربه وبقي نحاسه - والكيميائيون يجعلون الاسرب لزحل وهو هرم سمج فالخريدة تنفر عنه وتكره قربه فتبعده عن نفسها ولا تخالطه -
قد يجيء في الكتاب ذكر الطاليقون من غير أيضاح فيها بمائيته ولم أتحققه من عيان أو سماع معتمد - ويذكر في كتب الطب أن المنفاش المعمول منه إذا نتف به الشعر الزائد في اهداب الأجفان منع عوده وقطع نباته - وقيل أيضا ان العين ترمد وتفسد بالنظر في مرآة معمولة من الطاليقون - وفي كتاب النخب انه معمول من الشبه وفي كتاب الاحجار - انه جنس من النحاس الا أن الأوائل اكسبوه من الادوية الحادة سمية حتى اضر باللحم والدم إذا خالطهما - وإذا انتهينا إلي هذا الموضع فقد بلغنا ما أردنا ووفينا ما كنا وعدنا - ولنختم الكتاب بمثل ما افتتحنا به من الحمد لله الفضل الجائد بالخير علي جميع الخلق المرغوب اليه في أيالة الأمير السيد الملك المؤيد السلطان المعظم شهاب الدولة وقطب الملة وفخر الأمة السعادة علي الأبد بعد تطاول الأمد انه على كامل يشاء قدير وبالإجابة جدير.
1 54