وجلستُ ألاعب المعتصم بالشِّطْرِنج فِي يَوْمَ الْخمار، وَكَانَ يشرب يَوْمَا ويستريح يَوْمَا فيلعب فِيهِ وَنَلْعَب بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجعلت أنْشد:
لتنصفنِّي يَا أَبَا حَاتِم ... أَوْ لتصيرنَّ إِلَى حاكِمِ
فتعطِيَ الحقَّ عَلَى ذلةٍ ... بالرغم من أَنْفك ذَا الراغم
يَا سَارِقا مَال إِمَام الْهدى ... سَيظْهر الظُّلم عَلَى الظَّالِم
سِتِّينَ ألفا فِي شِرَا قَاسِمٍ ... من علٍ هَذَا الْملك الفَّئِمِ
فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا الشّعْر؟ فتفازعت كَأَنِّي أنشدته سَاهِيا ولجلجت، فَقَالَ: أعده فَقتل: إِن رَأْي أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يُعفيني، وَإِنَّمَا أريدُ أَن يحرص عَلَى أَن يسمعهُ، فَقَالَ: أعده وَيلك، فأعده، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقتل: أَظن صَاحب بَيت المَال مطل بَعْض هَؤُلاءِ الشُّعَرَاء بِشَيْء لَهُ فَعمل فِيهِ هَذَا الشّعْر، قَالَ: فَمَا معنى قَاسم؟ قلت: جَارِيَة اشْتَرَاهَا ابْنه بستين ألف دِرْهَم، قَالَ: وَأرَانِي أَنَا الْملك النَّائِم صدق وَالله قَائِل هَذَا الشّعْر، وَالله لَو عَرفته لوصلته لصدقته، رَجُل مُمْلِق ولّيته بَيت المَال ليعيش برزقه مُنْذُ سنتَيْن، من أَيْنَ لِابْنِهِ هَذَا المَال؟ ثُمَّ قَالَ لإيتاخ: قيد صَاحب بَيت المَال وَابْنه حَتَّى تَأْخُذ مِنْهُمَا مِائَتي ألف دِرْهَم وولّ بَيت المَال غَيره.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زِيَاد الْمقري، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن المَرْوَزِيّ بمرو، قَالَ: أَخْبَرَنَا يحيى بْن أَكْثَم، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْر بْن شُمَيْل، قَالَ: سمعتُ الْخَلِيل بْن أَحْمَد يَقُولُ: التواني إِضَاعَة، والحزم بضَاعَة، والإنصاف رَاحَة، واللّجاج وَقَاحة.
حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عليّ بْن زَكَرِيّا الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بْن عَبْد اللَّه الرمّاني، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمَأْمُون، قَالَ: حَدَّثَنِي الرشيد، قَالَ: حَدَّثَنِي المهديُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمَنْصُور عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدّه، عَنِ ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ عليّ بْن أبي طَالِب عَلَيْهِ السّلام: من الدَّهَاء حسنُ اللِّقَاء.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، عَنِ الْمُغيرَة بْن مُحَمَّد المهلبي، قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَان بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه الْمَدَنِيّ مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْن جَعْفَر بْن أبي نمير مَوْلَى زُرَيْق، قَالَ: بَعَثَنِي عليّ بْن الْمهْدي من مصر إِلَى الرشيد هرون أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلَى الْبَرِيد فلحقتُ شَيخا فِي طريقي عَلَى دَابَّة دميم، فَقَالَ لي: يَا هَذَا، إِن دَابَّتي هَذِهِ قَدْ أتعبتني فَهَل لَك أَن أسايرك وتحبس عليّ، فَإِن عِنْدِي وَالله ظَاهرا وَبَاطنا، قَالَ: قلت لَهُ: أفعل، قَالَ: فَقلت لَهُ يَوْمَا: أما ظاهرك فحُسْنُ محادثتكَ وظرفك،