الجزء الثالث: أول ما يلقاك منه، على شمالي خليج البنادق، مدينة سبينقو، وهي للهنكر، وهم ترك على دين النصرانية. وموضوعها حيث الطول سبع وثلاثون درجة واربعون دقيقة، والعرض خمس وأربعون درجة. وإليها انتهى التتر، فأجمع عليهم بها الهنكر والباشقر والألمانيون، وكسروهم كسرة أيأستهم من العودة إلى تلك البلاد. وفي غربي هذه المدينة على الخليج، جبل اشكفونية، وقد تقدم ذكره. وفي أول الخليج من الجهة الجنوبية برنديس، وهي من الجانب الغربي على فم الخليج، وهو ضيق هنالك ثم يتسع بعد هذه المدينة إلى نحو مجرى ونصف، ولا يزال إلى آخره دائراً على ذلك. وبرنديس مشهورة عند أهل البحر، وهي حيث الطول أربعون درجة وإحدى عشرة دقيقة، والعرض أربع وأربعون درجة. وعلى شمالي الخليج حيث الطول أربعون درجة وخمس عشرة دقيقة، مدينة اثينة وهي مدينة أرسطو الحكيم وإليها يبلغ سلطان الأشكري صاحب القسطنطينية. وفي شماليها وغربيها مدينة برشان، كانت قاعدة لأمة استولى عليهم الألمانيون ولم يبقوا لهم ذكراً. وهي حيث الطول أربعون درجة والعرض خمس وأربعون درجة. ومن هذه المدينة إلى القسطنطينية، من البلاد التي يسكنها الخرايطة وهم بقايا الإغريقيين، عدد كبير، وهي معجمة خاملة عند المسلمين. وفي هذا الجزء تقع جزيرة لمريا وتعرف في الكتب بجزيرة بيلوبنس. وفيها مدن وعمائر، وهي أكبر الجزائر الرومانية. ودورها على التحقيق سبعمائة ميل، وفيها اجوان وتعريجات وفم إلى البرّ عرضه أميال عليه من جهة الغرب والجنوب مدينة كوريت، حيث الطول ست وأربعون درجة وعشرون دقيقة، والعرض أربعون درجة. وفي وسطها مدينة لمريا وبها يكون صاحب الجزيرة. وهي حيث الطول خمس وأربعون درجة واثنتان وخمسون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وخمس وعشرون دقيقة. وبين هذه الجزيرة وجزيرة اقريطش، المجاز الذي يدخل منه إلى الجزائر الرومانية الكثيرة، وقدره ستون ميلاً ولا بد منه للدخول إليها. وفي شمال هذه الجزيرة، جزيرة النغريب، وهي من أكبر الجزائر الرومانية. طولها من الغرب إلى الشرق بانحراف إلى الجنوب، مائة وخمسون ميلاً، وعرضها من عشرين ميلاً إلى نحو ذلك. وآخرها المشرقي حيث الطول ثمان وأربعون درجة وخمسون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة غير دقائق، وهي مشهورة بخروج السفن والقطائع منها. وفي شرقيها من الجزائر الرومانية جزيرة المصطكي، ومنها يجلب إلى الأقطار وهو صمغ شجر، وطولها من شمال إلى جنوب نحو ستين ميلاً. وبينها وبين النغريب نحو ثلاثين ميلاً، وفي شماليها خليج القسطنطينية. وعلى شرقيه مدينة ابزو، وبها يعرف فم ابزو، وهي للخرايطة، وهم النصارى الذين لا يحلقون لحاهم. وموضوعها حيث الطول تسع وأربعون درجة وتسع وأربعون دقيقة. وعرض هذا الخليج رمية سهم، وطوله كذلك من بحر الزقاق إلى مدينة ابزو نحو خمسين ميلاً، ثم يأخذ في الاتساع إلى أن يكون بعد ثلاثين ميلاً منها بحيث يقارب ستين ميلاً، فيمر كذلك نحو مجرى، وعليه مدن الخرايطة التي في طاعة صاحب القسطنطينية، التي بناها قسطنطين واضع دين النصارى. وكان مكانها مروج في أرض ملك البرشان، فطلب منه أن يرفع خيله. ثم إنه لما انقطعت أخباره بالأمطار والأوحال، بنى هذه المدينة وصيرها قاعدة القياصرة، فلم يقدر ملك البرشان عليه، ثم فنى البرشان. والقسطنطينية حيث الطول تسع وأربعون درجة وخمسون دقيقة، والعرض في آخر الإقليم السادس خمس وأربعون درجة، والبحر من جوانبها الثلاثة، وإنما البر من الجهة الغربية. ويمر عنوة الخليج الضيق، فيمتد نحو ثمانين ميلاً يكون في آخره مدينة نيقومدية، وهي كانت قاعدة الإغريقيين. وفي الجغرافيا أن طولها إحدى وخمسون درجة، والعرض أربع وأربعون درجة وخمس عشرة دقيقة. وفي جنوبيها من البلاد المشهورة عند أهل تلك البلاد، مدينة أسمره على دخلة من البحر، حيث الطول خمسون درجة وأربعون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وثلاث وعشرون دقيقة. وفي جنوبيها على دخلة من البحر مدينة الإلية، وهي من مدن الحكماء المذكورة في كتبهم. وموضوعها حيث الطول خمسون درجة وخمس وخمسون دقيقة. وفي شرقي هذه البلاد جبال التركمان وبلادهم. وهم خلق كثير من نسل الترك الذين فتحوا بلاد الروم في مدة السلجوقيين، وقد مرنوا على الغارة على سكان الساحل من الخرايطة وأخذ أولادهم وبيعهم إلى