أهل زيغ، ولا يذم إلا على تأويل الصفات كما أجمع على ذلك السلف - رحمهم الله -، فلو كان المقصود بالمتشابه غير ذلك لما ذم الله المبتغين لتأويله.
* * *
المسألة الثامنة:
المتشابه لا يمكن إدراك المراد منه ولا يعلم تأويله إلا الله تعالى، دلت على ذلك الآية السابقة؛ حيث إن الوقف الصحيح على قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ)، والواو في قوله: (وَالرَّاسِخُونَ) للابتداء، وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله تعالى، وقد دل على ذلك لفظ الآية ومعناها.
أما الدليل من لفظ الآية على أن الوقف الصحيح على قوله: " إلا الله "، فهو: أن الله تعالى لو أراد عطف الراسخين على لفظ الجلالة، وهو الله سبحانه وتعالى، لقال: " ويقولون آمنا به " بزيادة " الواو "؛ حيث إن جملة: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) تكون جملة واحدة، ولفظ " يقولون " مستأنفة، فكان لا بدَّ من " الواو " ولكنه سبحانه لم يقل: " ويقولون "، بل قال: " يقولون " مما يدل على أن عبارة " يقولون آمنا به " مرتبطة بما قبلها، وليس لها إلا أن تكون خبر عن مبتدأ وهو قوله: " والراسخون " فينتج من ذلك أن " الواو " في قوله: " والراسخون "، للابتداء، وما قبل ذلك يكون نهاية جملة مفيدة وهو قوله: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ).