القياس، فإن هذا يختلف باختلاف قوة أنواع المفاهيم، ويختلف بحسب اختلاف المجتهدين، وما يقع في نفوسهم من قوة الدلالة وضعفها، وهذا لا يمكن ضبطه بقاعدة، فيكون هذا موكولاً إلى نظر الناظرين والمجتهدين في آحاد الصور.
أما القسم الثاني: وهو المنقول العام، فإنه إذا عارضه القياس الخاص، فإن القياس يخصص العام؛ لأنه يلزم من العمل بعموم العام إبطال دلالة القياس بالكلية، ولا يلزم من العمل بالقياس إبطال العام بالكلية، بل إنه يلزم العمل بالقياس وما بقي من العام بعد تخصيصه، وهذا فيه جمع بين الدليلين وهو أولى من العمل بأحدهما وإبطال الآخر، وقد سبق بيان ذلك.
وبعد، فإن هذه آخر مسألة من مسائل هذا الكتاب المسمَّى بـ: " الجامع لمسائل أصول الفقه وتطبيقها على المذهب الراجح "، وكان الفراغ منه في يوم الأربعاء الموافق للسادس عشر من شهر ربيع الأول من عام ألف وأربعمائة وعشرين من الهجرة النبوية الشريفة، وذلك بمدينة الرياض حماها الله من كل مكروه.
أرجو من الله العلي القدير أن ينفع به الطلاب الذين طلبوا مني تصنيفه، وأن ينفع به سائر طلاب العلم، وأن يكون هذا المصنف ذخيرة لي في الآخرة.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
أ. د: عبد الكريم بن علي بن محمد النملة
الأستاذ في قسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية