وقد ألحق به كثير من الكتب الأخرى التي كتبها الإمام نفسه مثل: "جماع العلم"، "إبطال الاستحسان"، "اختلاف مالك والشافعي"، "الرد على أهل المدينة "، "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى"، و"سير الأوزاعي" وغيرها. ويعتبر الإمام الشافعي رحمه اللَّه أول من أرسى قواعد علم أصول الفقه في كتابه "الرسالة" وهو الكتاب الثاني له الذي يتضمن قواعد مذهبه.
وقد انتشر المذهب على أيدي تلاميذ الإمام في العراق وبلاد ما وراء النهر وفارس والشام، ولكن انتشاره كان أقوى بمصر.
وأما الإمام أحمد بن حنبل: فقد صنَّفَ "المسند" في الحديث و"فضائل الصحابة" و"الرد على الزنادقة" وغير ذلك، أما أقواله في الفقه فقد نقلها من أصحابه أكثر من خمسمائة نفس بحسب إحصائنا؛ منهم من له رواية واحدة عن الإمام، وقد عدّهم المرداوي (131) نفسًا، والمكثرون منهم (33) واعتنوا بتدوينها في حياته وبعد مماته، وقد اطلع الإمام أحمد على بعضها كما نُقل عنه في مسائل الكوسج، وأملى الكثير من المسائل وناقش أقوال الفقهاء كالحسن والأوزاعي والثوري كما هو ثابت في المسائل التي وصلت إلينا، وهذِه المسائل تفوق كثير مما روي عن غيره من الأئمة في دقة النقل؛ فهي أولا منقولة بالنص عنه، مع مراجعته لبعضٍ منها، فضلا عن تعدد النقل عنه في المسألة الواحدة، ولا أبالغ إذا قلتُ إن المسائل المنقولة عن الإمام أحمد قد تكون أكثر وأشمل مما نُقل عن غيره من الأئمة، أو على الأقل تماثلها، فنحن نرى أن النقل عن الإمام مباشر أو بإسناد متصل إليه، بلفظ الإمام كما خرج من فِيه في جل مسائله، وهذا تأثر من تلاميذه بطريقة أهل الحديث في نقل السنة، وعلى هذا فإنه من الغريب والعجيب أن يُقال بعد ذلك: إن الإمام أحمد رجل حديث لا رجل فقه!