فتأتي كتب محمد بن الحسن لتكون المراجع الأصلية لمذهب الإمام، وقد اهتم بها الفقهاء فيما بعد شرحًا وتعليقًا، ومن أهم كتبه: "المبسوط" أو "الأصل" "السير الكبير"، و"السير الصغير"، "الجامع الكبير"، و"الجامع الصغير" "الزيادات" وغيرها. وظهرت بعد ذلك الكثير من المصنفات التي تُعنى بجمع أقوال أصحاب المذهب الثلاثة: الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن، مثل: "المبسوط" للسرخسي، و"المحيط البرهاني" لبرهان الدين بن صدر الشريعة.
وأما الإمام مالك: فقد كان أول من عرف بالتدوين والتأليف في الإسلام، ويعد كتابه "الموطأ" أقدم مؤلف معروف له، وإن كان ينسب إليه غيره، قال القاضي عياض: وله تأليف غير الموطأ مرويه عنه، أكثرها بأسانيد صحيحة في غير فن من العلم، ولكن لم يشتهر غير الموطأ، وهو أول تدوين مأثور في الحديث والفقه -وإن كانت فكرة التدوين قد وجدت من قبل- وقد كان منهجه في تدوينه أن يذكر الأحاديث في الموضوع الفقهي الذي اجتهد فيه، ثم يذكر عمل أهل المدينة المجمع عليه، ثم يذكر رأي من التقى بهم من التابعين وأهل الفقه، ثم يذكر الرأي المشهور بالمدينة، فإن لم يكن شيء من ذلك بين يديه في المسألة؛ اجتهد.
وأول من كتب مسائل الإمام مالك التي سئل عنها، تلميذه أسد بن الفرات قاضي القيروان، وسميت "الأسدية"، وكتبها عنه سحنون، ثم جاء بها إلى ابن القاسم -صاحب الإمام مالك- سنة 188 هـ فعرضها عليه، وأصلح ما فيها من مسائل ورتبها وأضاف عليها من موطأ ابن وهب وغيره في كتابه المشهور "المدونة".
وأما الإمام الشافعي: فمن أهم كتبه التي صنفها أو أملاها كتاب "الأم" وهو مرتب حسب أبواب الفقه، رواه عنه تلميذه الربيع بن سليمان المرادي،