لصلاة العتمة ولم يصلوا بعدها، وقعدوا بين يدي الحارث وهم سكوت لا ينطق واحد منهم إلى قريب من نصف الليل، وابتدأَ واحد منهم، وسأل الحارث عن مسألة فأخذ في الكلام وأصحابه يستمعون كأن على رؤوسهم الطير، فمنهم من يبكي، ومنهم من يحن، ومنهم من يزعق، وهو في كلامه، فصعدت الغرفة لأَتَعَرَّف حال أبي عبد اللَّه، فوجدته قد بكى حتى غشي عليه، فانصرفت إليهم، ولم تزل تلك حالهم حتى أصبحوا فقاموا وتفرقوا، فصعدت إلى أبي عبد اللَّه وهو متغير الحال فقلت: كيف رأيت هؤلاء يا أبا عبد اللَّه؟ فقال: ما أَعلم أَني رأَيت مثل هؤلاء القوم، ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل، وعلى ما وصفت من أحوالهم فلا أرى لك صحبتهم. ثم قام وخرج.
قال أبو القاسم النَّصْرأباذي: بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيءٍ من الكلام، فهجره أَحمد بن حنبل فاختفى في دار ببغداد ومات فيها، ولم يصل عليه إِلا أَربعة نفر.
"مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 240 - 241
قال محمد بن عوف الحمصي: قال أحمد: من أهل البدع الذين أخرجهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الإسلام القدرية، والمرجئة، والرافضة، والجهمية، فقال: "لا تصلوا معهم ولا تصلوا عليهم" (?).
"الفروع" 10/ 161
روى أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ أنه قال لِرَجُل: إيّاكَ وَمُجالَسَةَ أَصْحاب الخُصوماتِ والْكَلامِ.
وروى ابن أصرم أنه قال لِرَجُلٍ: لا يَنْبَغِي الجِدالُ، اتَّقِ اللَّهَ، وَلا يَنْبَغِي