أَنْ تُنَصَّبَ نَفْسَكَ وَتَشْتهر بِالْكَلامِ، لَوْ كانَ هذا خَيْرًا لَتقدمنا فِيهِ أَصْحابُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنْ جاءَك مُسْتَرْشِدًا فَأَرْشِدْهُ.
وروى حَنْبَل عنه: عَلَيْكُمْ بِالسُّنَّةِ والْحَدِيث وَما يَنْفَعكُمْ، وَإِيّاكُمْ والْخَوْضَ والْمِراءَ، فَإِنَّهُ لا يُفْلح مَنْ أَحَبَّ الكَلام، وَقالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّه: لا تُجالِسْهُمْ وَلا تُكَلَّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ.
وَقالَ أَيْضًا: وَذَكَر أَهْل البِدَع؛ فقال: لا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجالِسَهُمْ وَلا يُخالطَهُمْ وَلا يَأْنَسَ بِهِمْ، وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ الكَلام لَمْ يَكُنْ آخِرُ أَمْرِهِ إلّا إلَى بِدْعَة؛ لِأَنَ الكَلام لا يدعُو إلَى خَيْر، عَلَيْكُمْ بِالسُّننِ والْفِقْه الذِي تَنْتَفعُون بِه، ودعُوا الجدالَ، وكلام أَهْلِ البدع والْمِراءِ، أَدْرَكْنا النّاسَ وَما يَعْرِفُونَ هذا وَيُجانِبُونَ أَهْل الكَلامِ.
"الآداب الشرعية" 1/ 219
قال أحمد في رواية الفضل، وقيل له: ينبغي لأحد أن لا يكلم أحدًا؟ فقال: نعم، إذا عرفت من أحد نفاقًا فلا تكلمنه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاف على الثلاثة الذين خلفوا فأمر الناس ألا يكلموهم.
قلت: يا أبا عبد اللَّه كيف يصنع بأهل الأهواء؟ قال: أما الجهمية والرافضة فلا.
قيل: له: فالمرجئة؟ قال: هؤلاء أسهل إلا المخاصم منهم فلا تكلمه.
ونقل الميموني عن أحمد: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كلام الثلاثة الذين تخلفوا بالمدينة حين خاف عليهم النفاق، وهكذا كل من خفنا عليه.
وروى القاسم بن محمد عنه: إنه اتهمهم بالنفاق، وكذا من اتهم بالكفر لا بأس أن يترك كلامه.
"الآداب الشرعية" 1/ 248