فقال: ما يأتي علي يوم إلا وأنا أدعو اللَّه عَزَّ وَجَلَّ له.

ثم قال: قد وجه معي ألف دينار تفرقها على أهل الحاجة.

فقال له: يا أبا زكريا أنا في البيت منقطع عن الناس، وقد أعفاني من كل أكرهه. فقال: يا أبا عبد اللَّه الخلفاء لا يتحملون هذا.

فقال: يا أبا زكريا تلطف في ذلك. فدعا له ثم قام، فلما صار إلى الدار رجع وقال: أهكذا كنت لو وجه إليك بعض إخوانك تفعل؟ قال: نعم.

فلما صرنا إلى الدهليز قال: أمرني أمير المؤمنين أن أدفعها إليك تفرقها. فقلت: تكون عندك إلى أن تمضي هذِه الأيام.

"السيرة" لصالح ص 118 - 119

قال صالح: وقد كان وجه محمد بن عبد اللَّه بن طاهر إلى أبي في وقت قدومه بالعسكر: أحبُّ أن تصير إليَّ وتعلمني الذي تعزم عليه حتى لا يكون عندي أحد. فوجَّه إليه: أنا رجل لم أخالط السلطان، وقد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره، وهذا مما أكره، فجهد أن يصير إليه، فأبى.

"السيرة" لصالح ص 120

قال صالح: وكان أبي قد أدمن الصوم لما قدم، وجعل لا يأكل الدسم، وكان قبل ذلك يشتري له شحم بدرهم فيأكل منه شهرا، فترك أكل الشحم، وأدام الصوم والعمل، وتوهمت أنه قد كان جعل على نفسه ذلك إن سلم. وكان قد حمل أبي إلى المتوكل سنة سبع وثلاثين ومائتين ثم مكث إلى سنة إحدى وأربعين، وقلَّ يوم يمضي إلا ورسول المتوكل يأتيه.

"السيرة" لصالح ص 121

قال حنبل (?): سمعت أبا عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-، وذكر المحنة، فقال: رأيت في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015