ويحك، ابن حنبل ما نجح فيه الدواء.
فقال له: يا أمير المؤمنين إن أحمد بن حنبل ليست به علة في بدنه، إنما هذا من قلة الطعام وكثرة الصيام والعبادة، فسكت المتوكل.
وبلغ أم المتوكل خبر أبي عبد اللَّه، فقالت لابنها: أشتهي أن أرى هذا الرجل، فوجه المتوكل إلى أبي عبد اللَّه، يسأله أن يدخل على ابنه المعتز ويدعو له ويسلم عليه، ويجعله في حجره. فامتنع، ثم أجاب رجاء أن يطلق، وينحدر إلى بغداد، فوجه إليه المتوكل خلعة، وأتوه بدابة يركبها إلى المعتز، فامتنع، وكانت عليه ميثرة نمور، فقدم إليه بغل لتاجر، فركبه، وجلس المتوكل مع أمه في مجلس من المكان، وعلى المجلس ستر رقيق. فدخل أبو عبد اللَّه على المعتز، ونظر إليه المتوكل وأمه، فلما رأته، قالت: يا بني، اللَّه اللَّه في هذا الرجل، فليس هذا ممن يريد ما عندكم، ولا المصلحة أن تحبسه عن منزله، فائذن له ليذهب، فدخل أبو عبد اللَّه على المعتز، فقال: السلام عليكم، وجلس، ولم يسلم عليه بالإمرة.
فسمعت أبا عبد اللَّه بعد يقول: لما دخلت عليه، وجلست، قال مؤدبه: أصلح اللَّه الأمير، هذا هو الذي أمره أمير المؤمنين يؤدبك ويعلمك.
فقال الصبي: إن علمني شيئًا؟ تعلمته.
قال أبو عبد اللَّه: فعجبت من ذكائه وجوابه على صغره، وكان صغيرا.
ودامت علة أبي عبد اللَّه، وبلغ المتوكل ما هو فيه، وكلمه يحيى بن خاقان أيضا، وأخبره أنه رجل لا يريد الدنيا، فأذن له في الانصراف، فجاء عبيد اللَّه بن يحيى وقت العصر، فقال: إن أمير المؤمنين قد أذن لك، وأمر أن يفرش لك حراقة تنحدر فيها.
فقال أبو عبد اللَّه: اطلبوا لي زورقا أنحدر الساعة، فطلبوا له زورقا،