قال الذَّهبيّ: وفي شعبان سنة إِحدى عشرة: وصل النبأ أَنَّ الفقيه البكري - أحد المبغضين للشيخ - استفرد بالشيخ بمصر، ووثب عليه، ونتش بأطواقه، وقال: احضر معي إِلى الشرع، فلي عليك دعوى، فلما تكاثر الناس انملص، فطلب من جهة الدولة، فهرب واختفى.

وذكر غيره: أَنَّه ثار بسبب ذلك فتنة، وأراد جماعة الانتصار من البكري فلم يمكنهم الشَّيخ من ذلك.

واتفق بعد مدة: أَنَّ البكري همّ السلطان بقتله، ثمَّ رسم بقطع لسانه؛ لكثر فضوله وجراءته، ثمَّ شفع فيه، فنفي إِلى الصعيد، ومنع من الفتوى بالكلام في العلم. وكان الشَّيخ في هذه المدة يقرئ العلم، ويجلس للناس في مجالس عامة.

قدم إِلى الشَّام هو وإخوته سنة اثنتي عشرة بنية الجهاد، ولما قدم السلطان لكشف التتر عن الشَّام. فخرج مع الجيش، وفارقهم من عسقلان، وزار البيت المقدس.

ثمَّ دخل دمشق بعد غيبته عنها فوق سبع سنين، ومعه أخواه وجماعة من أصحابه، وخرج خلق كثير لتلقيه، وسُرَّ الناس بمقدمه، واستمر على ما كَانَ عليه أولاً، من إقراء العلم، وتدريسه بمدرسة السكرية، والحنبلية، وإفتاء الناس ونفعهم.

ثمَّ في سنة ثمان عشرة: ورد كتاب من السلطان بمنعه من الفتوى في مسألة الحلف بالطلاق بالتكفير، وعُقِد له مجلس بدار السعادة، ومنع من ذلك، ونودي به في البلد.

ثمَّ في سنة تسع عشرة عُقِد له مجلس أَيضًا كالمجلس الأَوَّل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015