وقرئ كتاب السلطان بمنعه من ذلك، وعوتب على فتياه بعد المنع، وانفصل المجلس على تأكيد المنع.

ثمَّ بعد مدة عُقِد له مجلس ثالث بسبب ذلك، وعوتب وحبس بالقلعة. ثمَّ حبس لأجل ذلك مرة أخرى. ومنع بسببه من الفتيا مطلقًا، فأقام مدة يفتي بلسانه، ويقول: لا يسعني كتم العلم.

وفي آخر الأمر: دبروا عليه الحيلة في مسألة المنع من السفر إِلى قبور الأنبياء والصالحين، وألزموه من ذلك التنقص بالأنبياء، وذلك كفر، وأفتى بذلك طائفة من أهل الأهواء، وهم ثمانية عشر نفسًا، رأسهم القاضي الأخنائِي المالكي وأفتى قضاة مصر الأربعة بحبسه، فحبس بقلعة دمشق سنتين وأشهرًا. وبها مات رحمه الله تعالى.

وقد بين رحمه الله: أَنَّ ما حكم عليه باطل بإجماع المسلمين من وجوه كثيرة جدًا، وأفتى جماعة بأنه يخطئ في ذلك خطأ المجتهدين المغفور لهم، ووافقه جماعة من علماء بغداد، وغيرهم. وكذلك ابنا أَبي الوليد شيخ المالكية بدمشق أفتيا: أَنَّه لا وجه للاعتراض عليه فيما قاله أصلاً، وأَنَّه نقل خلاف العلماء في المسألة، ورجح أحد القولين فيها.

وبقي مدة في القلعة يكتب العلم ويصنفه، ويرسلإِلى أصحابه الرسائل، ويذكر ما فتح الله به عليه هذه المرة من العلوم العظيمة، والأحوال الجسمية.

وقال: قد فتح الله عليَّ في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء، كَانَ كثير من العلماء يتمنونها، وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن، ثمَّ إِنَّه مُنِع من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015