سنة (707)
استهلت. . . والشيخ تقي الدين ابن تَيْمِيَّة معتقل بالجب من قلعة الجبل بمصر.
وفي يوم الجمعة رابع عشر صفر اجتمع قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة بالشيخ تقي الدين ابن تَيْمِيَّة في دار الأوحدي من قلعة الجبل، وطال بينهما الكلام ثمَّ تفرقا قبل الصلاة، والشيخ تقي الدين مصمم على عدم الخروج من السجن.
فلما كَانَ يوم الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأَوَّل جاء الأمير حسام الدين مهنّا بن عيسى ملك العرب إِلى السجن بنفسه وأقسم على الشَّيخ تقي الدين ليخرجنّ إِليه، فلما خرج أقسم عليه ليأتينّ معه إِلى دار سلار، فاجتمع به بعض الفقهاء بدار سلاّر وجرت بينهم بحوث كثيرة، ثمَّ فرقت بينهم الصلاة، ثمَّ اجتمعوا إِلى المغرب وبات الشَّيخ تقي الدين عند سلاّر، ثمَّ اجتمعوا يوم الأحد بمرسوم السلطان جميع النهار، ولم يحضر أحد من القضاة بل اجتمع من الفقهاء خلق كثير، أكثر من كل يوم، منهم الفقيه نجم الدين ابن الرفعة وعلاء الدين الباجي وفخر الدين ابن بنت أَبي سعد، وعز الدين النِّمراوي، وشمس الدين بن عدلان، وجماعة من الفقهاء، وطلبوا القضاة فاعتذروا بأعذار، بعضهم بالمرض، وبعضهم بغيره، لمعرفتهم بما ابن تَيْمِيَّة منطوٍ عليه من العلوم والأدلة، وأن أحدًا من الحاضرين لا يطيقه، فقبل عذرهم نائب السلطنة ولم يكلفهم الحضور بعد أَنْ رسم بحضورهم وانْفَصَل المجلس على خير، وبات الشَّيخ عند نائب السلطنة. وجاء الأمير حسام الدين مهنّا يريد أَنْ يستصحب الشَّيخ تقي الدين معه إِلى الشام، فأشار سلار بإقامة الشَّيخ بمصر عنده ليرى الناس فضله وعلمه، وينتفع الناس به ويشتغلوا عليه.