القضاة الثلاثة وجماعة من الفقهاء. فالقضاةُ: الشَّافعيّ والمالكي والحنفي، والفقهاء الباجي والجَزَري والنِّمْرَاوي. وتكلّموا في إخراج الشَّيخ تقيّ الدين ابن تَيْمِيَّة من الحبس. فاشترط بعض الحاضرين عليه شروطًا في ذلك، منها أَنَّه يلتزم بالرجوع عن بعض العقيدة، وأرسلوا اليه ليحضر ليتكلّموا معه في ذلك، فامتنع من الحضور وصمّم. وتكرّرت الرسل إِليه ست مرّات، فصمّم على عدم الحضور، ولم يلتفت إِليهم، ولم يَعِدْهم شيئًا، فطال عليهم المجلس. فتفرّقوا وانصرفوا غير مأجورين!!
وفي اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة أُخْبر نائب السلطنة بوصول كتاب من الشَّيخ تقي الدين من الحبس الَّذي يُقال له: الجبّ. فأرسل في طلبه، فجيء به، فقُريء على الناس. فجعل يشكر الشَّيخ ويُثني عليه وعلى علمه وديانته وشجاعته وزُهده. وقال: ما رأيتُ مثله. وإذا هو كتاب مشتمل على ما هو عليه في السجن من التوجّه إِلى الله، وأَنَّه لم يقبل من أحد شيئًا لا من النفقات السلطانية ولا من الكسوة ولا من الإدارات ولا غيرها، ولا تدنّس بشيء من ذلك.
وفي هذا الشهر، يوم الخميس السابع والعشرين منه، طُلِبَ أخَوَا الشَّيخ تقي الدين: شرف الدين وزيْن الدين من الحبس إِلى مجلس نائب السلطان سلاّر. وحضر نائبَ السَّلْطنةِ ابنُ مخلوف المالكيُّ. وجرى بينهم كلام كثير. فظهر شرف الدين بالحجّة على القاضي المالكي بالنقل والدليل والمعرفة. وخطَّأه في مواضع ادّعى فيها دعاوى باطلة. وكان الكلام في مسألة العرش ومسألة الكلام، وفي مسألة النزول.
وفي يوم الجمعة أُحْضِر شرف الدين أخو الشيخ تقي الدين وحده في مجلس نائب السلطنة سلاّر، وحضر ابنُ عدلان، وتكلم معه الشيخ شرف الدين وناظره وبحث معه، وظهر عليه أيضًا.