النِّعَم (?). وبقي أشهرًا على ذلك، وأقبل على التِّلاوة والعِبادة والتهجُّد حتَّى أتاه اليقين، فلم يفجأ النَّاسَ إِلاَّ نعيُهُ، وما علموا بمرضه، وكان قد مَرِضَ عشرين يومًا، فتأسَّف الخَلْقُ عليه، وحضر جَمْعٌ كبير، فأُذِنَ لهم في الدخول، وجلس جماعةٌ عِنْدَه قبل الغُسْل، وقرؤوا القرآن، وتبركوا برؤيته وتقبيله، ثمَّ انصرفوا، وحضر جماعةٌ من النِّساء ففعلن مثل ذلك، ثمَّ انصرفن، واقْتُصِرَ على من يغسله ويعين عليه في غُسْله، فلما فُرِغَ من ذلك أُخرج وقد اجتمع النَّاس بالقَلْعة والطريق إِلى جامع دمشق، وامتلأ الجامعُ وصحنه الكلاَّسة وباب البريد وباب السَّاعات إِلى اللَّبَّادين والفوَّارة، وحضرتِ الجَنازةُ في السَّاعة الرابعة من النَّهار أَو نحو ذلك، ووُضِعَتْ في الجامع، والجُنْد يحفظونَها من النَّاس من شِدَّةِ الزِّحام، وصُلِّيَ عليه أولاً بالقلعة، تقدَّم في الصَّلاة عليه الشَّيخ محمَّد بن تَمَّام، ثمَّ صُلِّيَ عليه بجامع دمشق عقيب صلاة الظُّهرِ، وحُمِلَ من باب البريد، واشتد الزِّحام، وألقى النَّاس على نعشه مناديلَهم وعمائمهم للتبرُّك!! وصار النَّعش على الرؤوس، تارة يتقدَّم وتارة يتأخَّر، وخرج النَّاس من الجامع من أبوابه كلِّها من شِدَّةِ الزِّحام، وكل باب أعظم زحمةً من الآخر، ثمَّ خرج النَّاس من أبواب البلد جميعها من شدة الزِّحام، لكن كَانَ المعظم من الأبواب الأربعة باب الفَرَج الَّذي أُخرجت منه الجنازة، ومن باب الفراديس وباب النَّصْر وباب الجابية، وعَظُمَ الأمر بسوق الخيل، وتقدَّم في الصَّلاة عليه هناك أخوه زين الدِّين، وحُمِلَ إِلى مقبرة الصُّوفية؛ فدفن إِلى جانب أخيه الإِمام شرف الدِّين - رحمهما الله -، وكان دَفْنُه وقتَ العَصْر أَو قبلها بيسير، وغلَّق النَّاس حوانيتهم، ولم يتخلَّف عن الحضور، إِلا نَفَرٌ قليل، أَو مَنْ عَجَزَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015