بعض أعدائه، وامتناع الشَّيخ من ذلك، وجَعْله كل من آذاه في حِلٍّ ثمَّ سُكْناه بالقاهرة، وعودِهِ إِلى نَشْر العِلْم ونفع الخَلْق، وما جرى بعد ذلك من قضيةِ البكري وغيرها، ثمَّ توجهه بعد ذلك إِلى الشَّام صحبة الجيش المِصْري قاصدًا للغَزَاة بعد غيبته عن دمشق سَبْع سنين وسبع جُمَع، وتوجهه في طريقه إِلى بيت المقدس، ثمَّ ملازمته بعد ذلك بدمشق لنشر العلم، وتصنيف الكتب، وإفتاء الخَلْق، إِلى أَنْ تكلَّم في مسألة الحَلِف بالطَّلاق، فأشار عليه بعض القُضَاة بتَرْك الإِفتاء بها في سنة ثمان عشرة؛ فقبل إشارته، ثمَّ ورد كتاب السُّلْطان بعد أيام بالمَنْع من الفتوى عليها، ثمَّ عاد الشَّيخ إِلى الإفتاء بها وقال: لا يَسَعُني كِتْمان العِلْم. وبقي كذلك مُدَّةً إِلى ان حبسوه بالقلعة خمسة أشهر وثمانية عشر يومًا، ثمَّ أُخرج، ورجع إِلى عادته من الأشغال وتعليم العِلْم، ولم يزل كذلك إِلى أن ظفروا له بجواب يتعلَّق بمسألة شَدِّ الرِّحال إِلى قبور الأنبياء والصَّالحين، كَانَ قد أجاب به من نحو عشرين سنة؛ وكَبُرَتِ القضية، وورد مرسوم السُّلْطان في شعبان من سنة ستٍّ وعشرين بجَعْلِهِ في القَلْعة؛ فأُخليت له قاعة حسنة، وأجري إِليها الماء، وأقام فيها ومعه أخوه يخدمه، وأقبل في هذه المُدَّة على العِبادة والتِّلاوة وتصنيف الكتب، والردِّ على المخالفين، وكَتَبَ على تفسير القرآن العظيم جملةً كبيرة تَشْتَمِلْ على نفائسَ جليلة، ونُكَتٍ دقيقة، ومعانٍ لطيفة، وأوضح مواضع كثيرة أشكلت على خَلْقٍ من المفسِّرين، وكَتَب في المسألة الَّتي حبس بسببها مجلَّدات عِدَّة، وظهر بعض ما كتبه واشتهر، وآل المر إِلى أن مُنِعَ من الكتابة والمطالعة، وأخرجوا ما عنده من الكُتُب، ولم يتركوا عنده دواةً ولا قلمًا ولا ورقة، وكتب عقيب ذلك بفحمٍ يقول: إِنَّ إخراج الكتب من عنده من أعظم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015